الدوري السعودي يتألق بينما تعاني الصين من الفشل أسباب ونتائج تحليل

تجربة الدوري السعودي للمحترفين وتحديات الانتقادات

واجهت تجربة الدوري السعودي للمحترفين في استقطاب أفضل النجوم الأجانب وتحويل المسابقة إلى منافس لدوريات أوروبا الكبرى انتقادات حادة قبل عامين.

في تلك الفترة، تمكن نادي النصر، الذي يعد واحدًا من الأندية الأربعة الكبيرة في دوري “روشن” بجانب الهلال والأهلي والاتحاد، من ضم البرتغالي كريستيانو رونالدو بعد فسخ عقده مع مانشستر يونايتد الإنجليزي في صفقة انتقال حر. جاء انضمام اللاعب البرتغالي بعد خلافات قوية مع الجهاز الفني لمانشستر يونايتد بقيادة الهولندي إيريك تين هاغ، مما اعتبره البعض دليلاً على انتهاء عصره، خاصة أنه كان يبلغ 38 عامًا آنذاك.

ومع ذلك، أصبحت تجربة رونالدو ملهمة لكثيرين؛ حيث لم يكن سبب نجاحه الوحيد هو الإغراءات المالية كما رُوج له، بل تألقه الفني أيضًا ونجاحه في الحصول على لقب هداف الدوري مرتين. ورغم انتقاله إلى المملكة، استمر رونالدو في التألق دولياً مع منتخب بلاده البرتغال. وهو ما تجلى في أدائه المميز خلال نسخة دوري أمم أوروبا الأخيرة التي توج بها منتخب بلاده. سجل هدف الفوز ضد ألمانيا (2-1) في نصف النهائي وهدف التعادل (2-2) ضد إسبانيا في النهائي، مما ساعد البرتغال على تحقيق الانتصار على بطل أوروبا.

الغريب أن هذا الانتصار ضد ألمانيا كان الأول لرونالدو خلال مسيرته الطويلة التي شهدت مواجهاته معهم أثناء تألقه مع مانشستر يونايتد وريال مدريد ويوفنتوس. فقد خسر أمامهم عدة مرات بما فيها خسارة قاسية بأربعة أهداف نظيفة عام 2014 رغم كونه بطل دوري أبطال أوروبا آنذاك.

لقد ألهم نجاح رونالدو نجوم الصف الأول عالمياً للسير على خطاه؛ بدءًا من الفرنسي كريم بنزيما مع الاتحاد وصولاً إلى الجزائري رياض محرز في الأهلي وغيرهم.

التجربة الصينية والنجاح السعودي

أشارت صحيفة “تايمز” البريطانية في تقرير لها بتاريخ مايو 2023 إلى أن الدوري السعودي يمكن أن يتجنب مصير الدوري الصيني الذي اتخذ خطوات مشابهة منذ عام 2016 باستقطاب نجوم عالميين. أكدت الصحيفة أن المملكة تمتلك موارد مالية مثل النفط والبنية التحتية والتعداد السكاني مما يمكنها من تحقيق نمو ملموس.

على العكس من ذلك، عانت التجربة الصينية من انهيار سريع بسبب الإنفاق غير المدروس على الصفقات الذي أدى إلى تفاقم أزمة الديون لدى الأندية. وفي صيف 2023، قارن ألكسندر تشيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” بين الدوري السعودي والتجربة الصينية ووصفها بأنها مشابهة لما حدث هناك قائلاً: “نظام شراء اللاعبين الذين يكادون ينتهون من مسيرتهم ليس هو النظام الذي يطور كرة القدم”. وأشار إلى أن هذا كان خطأً مماثلاً لما حدث في الصين.

لكن يبدو أن تشيفرين قد أخطأ التقدير هنا؛ لأن نوعية اللاعبين الذين انضموا للدوري السعودي بعد وصول رونالدو لم يكونوا ممن اقتربوا بالفعل من نهاية مسيرتهم الكروية وهذا ما أحدث الفارق الكبير.

نجوم الهلال والأهلي

إذا نظرنا لنادي الهلال المتأهل مؤخرًا لربع نهائي كأس العالم للأندية بعد الفوز على مانشستر سيتي الإنجليزي بطل إنجلترا أربع مرات خلال الخمس سنوات الماضية، سنجد أنه يضم لاعبين مثل رينان لودي (27 سنة) والمغربي ياسين بونو أحد أفضل حراس المرمى عالميًا (34 سنة – وهي سن ليست كبيرة للحراس)، بالإضافة للبرازيلي ماركوس ليوناردو (22 سنة) والبرتغالي روبن نيفيز (28 سنة) المطلوب سابقًا من أكبر أندية أوروبا والقائمة تطول.

أما بالنظر للأهلي الذي توج بدوري أبطال آسيا للنخبة لأول مرة بتاريخ النادي في مايو الماضي نجد فيه أسماء بارزة مثل الإيفواري فرانك كيسي لاعب برشلونة السابق (28 سنة)، والإنجليزي إيفان توني (29 سنة)، وحارس المرمى إدوارد ميندي المتوج سابقًا بدوري أبطال أوروبا مع تشيلسي (33 سنة)، والبرازيلي ألكسندر (21 سنة) وغيرهم العديد.

تجربة بنزيما

بعيداً عن نجاح رونالدو والهلال والأهلي، فإن مهاجم الاتحاد الفرنسي كريم بنزيما الذي حقق كل النجاحات الممكنة مع ريال مدريد وجد نفسه وسط انتقادات حادة عند قدومه للاتحاد. ورغم ذلك استطاع ذو الأصول الجزائرية جمع قواه بشكل مذهل وقاد العميد للفوز بلقب الدوري عام 2025 بتألق مبهر. يعكس هذا وجود بيئة مناسبة للنجاح ليس فقط لفريق واحد ولكن للجميع؛ والدليل هو نجاح الأهلي آسيويًا والهلال عالميًا ومحليًا وكذلك اتحاد جدة محليًا أيضاً.

ورغم عدم تتويج النصر بالألقاب منذ صيف 2023 حتى الآن إلا أن رونالدو تمكن من الهيمنة على لقب الهداف واستمرارية تألقه بلا توقف.

الفارق بين السعودية والصين

“الغارديان” البريطانية سلطت الضوء على الفروق الجوهرية بين التجربتين السعودية والصينية مشيرةً إلى أن الأخيرة واجهت أزمات حالت دون استكمال مشروعها الطموح. تتمثل هذه الأزمات بالتدخل الكبير لشركات الأعمال الكبرى وخاصة مطوري العقارات الساعين لتحقيق مكاسب سياسية عبر اللعبة مما أسفر عن استحواذهم على الأندية ودفع مبالغ ضخمة عليها.

sوف شعرت حكومة الصين بالقلق جراء الأموال التي تغادر البلاد لتملأ جيوب الأندية والوكلاء واللاعبين الأجانب مثل الأرجنتيني كارلوس تيفيز الذي وصف فترة وجوده بشنغهاي بأنها كانت بمثابة عطلة له. وأعرب اتحاد كرة القدم عن أسفه لأن الأندية الصينية كانت تنفق أكثر بـ10 و4 مرات مقارنةً بنظيراتها الكورية واليابانية لكنها لم تحقق نفس النجاح.

بعد فترة وجيزة من الانتقالات الضخمة لعامي 2016-2017 تحركت السلطات لفرض ما يعرف باسم “ضريبة الانتقالات”، وهي ضريبة باهظة الثمن تُفرض على التعاقدات الأجنبية العالية التكلفة بالإضافة لسلسلة قيود قصوى للرواتب الأمر الذي أدى لإنتهاء التجربة الصينية قبل أوانها.