أظهر بحث جديد أجراه البنك الدولي أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية، والتي تُعتبر عنصرًا أساسيًا في دفع النمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة، قد تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2005، وذلك في ظل ارتفاع الحواجز التي تعيق التجارة والاستثمار، واعتبر البحث أن هذه الحواجز تهدد بشكل كبير الجهود العالمية الرامية إلى تعبئة التمويل اللازم لتحقيق التنمية.
شوف كمان: “فلوسك هتضاعف في البنك” اعلي عائد في شهادات بنك مصر اليوم 2024 في جميع الفروع
الاقتصادات النامية والاستثمار الأجنبي المباشر
في عام 2023، استقبلت الاقتصادات النامية 435 مليار دولار فقط من الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو أدنى مستوى منذ عام 2005.
كما بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى هذه الاقتصادات نسبة 2.3% فقط من إجمالي ناتجها المحلي، أي ما يعادل حوالي نصف الرقم المسجل خلال ذروة عام 2008.
التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية العالمية
من المقرر أن يجتمع ممثلو الحكومات والمؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو في إشبيلية بإسبانيا لمناقشة كيفية تعبئة التمويل الضروري لتحقيق أهداف التنمية العالمية والوطنية الرئيسية.
هذا وقد سلط التحليل الجديد الصادر عن البنك الدولي الضوء على السياسات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف في وقت يشهد فيه النمو الاقتصادي تباطؤًا ملحوظًا، مع ارتفاع الدين العام إلى مستويات قياسية وتقلص موازنات المعونة الخارجية.
ممكن يعجبك: تراجع أسعار البرقوق والعنب في سوق العبور اليوم
الخبراء الاقتصاديين في مجموعة البنك الدولي
صرح أيهان كوسي، نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين في مجموعة البنك الدولي ومدير مجموعة آفاق التنمية: “بينما يستعد المجتمع العالمي لمؤتمر تمويل التنمية، فإن الانخفاض الحاد في الاستثمار الأجنبي المباشر بالاقتصادات النامية يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار”.
وأضاف: “إن عكس هذا التباطؤ ليس مجرد ضرورة اقتصادية فحسب، بل هو أمر حيوي لتوفير فرص العمل وتعزيز النمو المستدام وتحقيق أهداف التنمية الشاملة”. وشدد قائلًا: “سيتطلب ذلك إجراء إصلاحات محلية جريئة لتحسين بيئة الأعمال وتعاونًا عالميًا فعالاً لإنعاش الاستثمارات العابرة للحدود”.
معاهدات الاستثمار بين عامي 2010 و2024
خلص التحليل إلى أن معاهدات الاستثمار تهدف إلى تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين الدول الموقعة عليها بأكثر من 40%. ففي الفترة بين عامي 2010 و2024، دخلت حيز التنفيذ فقط 380 معاهدة استثمار جديدة، وهو ما يمثل ثلث عدد المعاهدات التي أُقرت خلال التسعينيات.
بالمثل، أشار التقرير إلى أن الاتجاه السائد في البلدان الأكثر انفتاحًا على التجارة هو تلقي المزيد من الاستثمارات الأجنبية – حيث يُضاف نسبة تبلغ 0.6% من الاستثمارات الأجنبية لكل زيادة بمقدار نقطة مئوية في نسبة التجارة مقارنة بإجمالي الناتج المحلي. ومع ذلك، فقد انخفض عدد الاتفاقيات التجارية الجديدة الموقعة خلال العقد الماضي بنسبة تصل إلى النصف – من متوسط 11 اتفاقية سنويًا خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى ست اتفاقيات فقط خلال العقد الثاني منه.
في عام 2023، شكلت الاستثمارات الأجنبية ما يقرب من نصف تدفقات التمويل الخارجي التي تلقتها الاقتصادات النامية. وفي ظل الظروف المناسبة يمكن لهذا النوع من الاستثمار أن يكون حافزًا قويًا للنمو الاقتصادي؛ حيث تشير بيانات تحليل نحو 74 اقتصاداً نامياً بين عامي 1995 و2019 إلى أن زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تصل إلى 10% تؤدي لزيادة قدرها 0.3% في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بعد ثلاث سنوات. ويكون التأثير أكبر بنحو ثلاثة أضعاف – أي يصل إلى نسبة قدرها 0.8% – في البلدان التي تتمتع بمؤسسات قوية ورأس مال بشري متطور وانفتاح أكبر على التجارة وتراجع الاقتصاد غير الرسمي (الموازي). وعلى العكس يكون تأثير الزيادات في الاستثمارات الأجنبية أقل بكثير في البلدان التي تفتقر لهذه الميزات.
عادةً ما يتركز الاستثمار الأجنبي المباشر ضمن أكبر الاقتصادات؛ ففي الفترة بين عامي 2012 و2023 حصلت عشرة بلدان فقط على حوالي ثلثي التدفقات الموجهة نحو الاقتصادات النامية. حيث حصلت الصين تقريباً على ثلث الإجمالي بينما حصلت البرازيل والهند على حوالي10% و6% على التوالي. وحصل أفقر26 بلدًا بالكاد على2% فقط من إجمالي التدفقات.
علاوةً على ذلك استحوذت الاقتصادات المتقدمة على ما يقرب من90%من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتجهة نحو الاقتصادات النامية خلال العقد الماضي ، حيث جاء حوالي نصفها من مصدرين اثنين هما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية .
حدد التقرير ثلاث أولويات سياسية للاقتصادات النامية:
- أولاً: مضاعفة الجهود لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
- ثانيًا: تعظيم المنافع الاقتصادية للاستثمار الأجنبي عبر تعزيز التكامل التجاري وتحسين جودة المؤسسات وتنمية رأس المال البشري وزيادة مشاركة الناس ضمن الاقتصاد الرسمي
- ثالثًا: تعزيز التعاون العالمي إذ ينبغي لجميع الدول العمل سويّاً لتسريع المبادرات السياسية التي يمكن أن توجه تدفقات الاستثمارات الأجنبية نحو تلك الاقتصاديات الناشئة التي تعاني فجوات استثمار كبيرة.