محللة اقتصادية تكشف تأثير الصراع الإيراني الإسرائيلي على موارد الدخل القومي المصري

قالت الدكتورة رشا السلاب، المحللة والخبيرة الاقتصادية، إنه في ظل تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط وترقب الأحداث وما ستؤول إليه الأمور نتيجة لذلك، لم يعد الوضع مجرد حالة توتر إقليمي، بل تحول إلى سلسلة من الأحداث التي تهدد استقرار أسواق الطاقة وتعيد تشكيل مسارات التجارة الدولية، وفي قلب هذه الدوامة الجيوسياسية تقف مصر أمام تحدٍ مزدوج يتمثل في حماية مصالحها الاقتصادية في قناة السويس وضمان استمرار تدفق الإيرادات في وقت تتسارع فيه الرياح العكسية.

قناة السويس… الطريق المُهدد

أوضحت أن قناة السويس تمثل لمصر أكثر من مجرد ممر ملاحي، فهي أحد أعمدة الأمن القومي الاقتصادي ومصدر أساسي للنقد الأجنبي، حيث تجاوزت إيراداتها في عام 2023 حاجز الـ 9 مليارات دولار، لكن مع بداية عام 2024 واشتداد هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر بدأت المؤشرات تتحول إلى اللون الأحمر بسبب إعادة شركات الشحن العالمية الكبرى توجيه مساراتها بعيدًا عن القناة، مما أدى إلى تراجع عبور السفن بنحو 40-50% في بعض الأسابيع، كما رفعت شركات التأمين أقساط التأمين على السفن العابرة للمنطقة مما زاد من تكلفة النقل، وكل ذلك يُنذر بانكماش مؤلم في أحد أهم موارد الدخل القومي لمصر.

مضيق هرمز وباب المندب.. مفاتيح الخطر

وأشارت إلى أنه إذا تحوّل التوتر العسكري إلى مواجهة شاملة وتم إغلاق مضيق هرمز فإن العالم سيشهد ارتفاعات قياسية في أسعار النفط، الأمر الذي سيُثقل كاهل الدول المستوردة للطاقة وعلى رأسها مصر. أما مضيق باب المندب فهو بوابة قناة السويس من الجنوب ومع تصاعد الهجمات الحوثية فإن تهديد إغلاقه بات واقعًا محتملًا خاصة مع الدعم الإيراني غير المباشر للجماعات المسلحة هناك.

التأثير على الاقتصاد المصري… ضغوط متعددة الجبهات

وتابعت أن تراجع إيرادات القناة يعني نقصًا مباشرًا في تدفق الدولار وارتفاع الأسعار عالميًا ما يؤدي إلى زيادة فاتورة الواردات وارتفاع التضخم محليًا. كما أن تزايد تكلفة النقل والتأمين يضغط على الميزان التجاري ويؤثر سلباً على القدرة التنافسية للصادرات المصرية.

تباطؤ الاستثمارات الأجنبية في ظل حالة عدم اليقين الإقليمي

وتساءلت: ماذا يمكن لمصر فعله الآن؟

في ظل هذه التحديات أصبحت الخيارات محدودة ولكنها حاسمة:

مصر بحاجة إلى استراتيجية اقتصادية أمنية متكاملة

وأشارت إلى أن الأزمة الحالية ليست أزمة قناة أو مضيق فقط بل هي أزمة بنيوية تتعلق بطريقة التعامل مع المتغيرات الجيوسياسية. تحتاج مصر إلى استراتيجية مرنة وواقعية تعتمد على بناء القوة الإنتاجية المحلية وتقليل الاعتماد على مصدر واحد للدخل القومي. ففي عالم يتغير بهذه السرعة لم يعد كافيًا انتظار انقشاع العاصفة بل يجب أن نكون جزءاً من صانعي الطقس.