بصمات تنظيم “الدولة” وطهران في اغتيالات درعا

تزايدت حوادث الاغتيال في محافظة درعا، جنوبي سوريا، حيث استهدفت مؤخرًا عناصر من قوى الأمن الداخلي وناشطين إعلاميين.

كان من أبرز هذه الحوادث استهداف دورية أمنية، في 12 من يونيو الحالي، على طريق مساكن جلين بعد خلاف مع قيادي سابق في “الجيش الحر”.

وفي 10 من يونيو، قُتل عنصر من قوى الأمن الداخلي في بلدة حيط في ريف درعا الغربي، حيث سبق ذلك استهداف عنصرين على طريق مساكن جلين.

لم تقتصر عمليات الاغتيال على عناصر الأمن فقط، إذ قُتل الناشط الإعلامي عبد الرحمن الحريري وشخص آخر كان برفقته في 10 من يونيو الحالي.

سلاح منفلت وأطراف لها مصالحها

على الرغم من تراجع وتيرة عمليات الاغتيال خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 من ديسمبر 2024، إلا أن تلك الحوادث عادت لتستهدف شخصيات قيادية وإعلامية ومتطوعين في قوى الأمن الداخلي.

المحامي عاصم الزعبي، المقيم في محافظة درعا، يعتقد أن أسباب عودة حوادث الاغتيال تعود إلى ضعف القوة الأمنية في مختلف أنحاء المحافظة ووجود مجموعات تتبع لعدة جهات، أبرزها الميليشيات الإيرانية. ويرى أنها تسعى لضرب الاستقرار في المنطقة.

من جانبه، الشيخ أحمد أبو دولة، أحد وجهاء ريف درعا، يعزو عودة عمليات الاغتيال إلى ضعف جهاز الأمن الداخلي وتراخيه مع السكان وعدم جديته في تجريم حمل السلاح أو سحبه من أيدي السكان وحصره بيد الدولة فقط.

يرى البعض أن الحكومة بحاجة إلى تفعيل جهاز استخبارات خاص لمتابعة خلايا التنظيم ومحاربتهم قبل أن يعيدوا ترتيب أوراقهم ويقوموا بتجنيد عناصر جديدة. هذا يأتي بالتزامن مع تراجع فرص العمل وانتشار البطالة بين الشباب.

“لا فائدة منها في تقويض السلطة”

الباحث عبد الرحمن الحاج المتخصص في الجماعات الدينية يشير إلى أن عمليات الاغتيال التي تحدث في الجنوب ليست ذات فائدة إذا كان تنظيم “الدولة الإسلامية” يسعى لتقويض سلطة الرئيس السوري أحمد الشرع.

ويضيف أن استهداف سلطة الشرع واستقرار حكمه لا يمكن تحقيقه إلا داخل مراكز ممارسة السلطة. لذلك يحاول التنظيم النشاط بشكل أكبر في المناطق الحضرية مثل العاصمة والمدن الكبرى وشمال شرق سوريا.

أحقاد وخلافات

مدينة الصنمين وحدها شهدت خمس عمليات اغتيال منذ بداية يونيو الحالي نتيجة اشتباكات بين مجموعات تتبع للقيادي محسن الهيمد التابع لـ”الأمن العسكري” ومجموعات أخرى مرتبطة بالقيادي جمال اللباد الذي ينتمي لـ”أمن الدولة”.

في الأول من يونيو الحالي، قُتل القيادي ماهر اللباد وابنه الطفل بالإضافة إلى محمد سليم الشتار على يد ملثمين يُعتقد أنهم تابعون للقيادي محسن الهيمد. تبعت ذلك اشتباكات بين المجموعتين أسفرت عن مقتل مدنيين اثنين أحدهما طبيب.

وفي مارس الماضي، اقتحم الأمن العام مدينة الصنمين وفكك مجموعة عسكرية يقودها محسن الهيمد المتهم بتنفيذ عمليات اغتيال هناك، لكنه تمكن من الهرب.

كما شهد شهر يناير الماضي مواجهات بين فصائل محلية مما استدعى تدخل الأمن العام الذي فرض تهدئة وبدأ بسحب السلاح من الفصائل المختلفة.

ما الحلول

المحامي عاصم الزعبي يرى أن الحلول تكمن في وضع خطة أمنية لملاحقة أي مجموعات خارجة عن القانون ومحاسبتها. كما يدعو لتفعيل دور الأمن العام ومنحه صلاحيات حقيقية وتزويده بعناصر خارج المحافظة للتخلص من العقلية العشائرية والمناطقية المسيطرة.

ومن ضمن الحلول التي يقترحها الزعبي إعادة تفعيل عمل القضاء بشكل واضح لأنه يعتبر الأساس للحد أو تقليل حوادث الاغتيالات إلى الحد الأدنى.

الباحث الدكتور محمد العمار المقيم في درعا يرى أن الخروج من دوامة الاغتيالات يتطلب انفتاح الحكومة على حواضن الثورة وتسليم الأمن لكل منطقة إلى قياداتها المحلية.

ويضيف العمار وهو ناشط مدني أن الثورة قد أحدثت خلال السنوات الماضية خلافات عشائرية وفصائلية ومالية ما زالت تعصف بالمجتمع وتحولت إلى حوادث اغتيال متفرقة هنا وهناك.