في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية عباس عراقجي أن بلاده ترفض الدعوات إلى ضبط النفس، انطلقت صفارات الإنذار مساء الجمعة في مختلف أنحاء إسرائيل، بينما تصاعدت أعمدة دخان كثيف في سماء مدينة تل أبيب وسط البلاد، بعد دعوة السكان للتوجه إلى الملاجئ.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن موجتين من الصواريخ الإيرانية على الأقل استهدفتا الدولة العبرية، في حين أعلنت طهران أنها استهدفت “عشرات الأهداف” و”القواعد والبنى التحتية العسكرية”.
وفي تعقيب على الهجمات الإيرانية، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن إسرائيل ستصعد من حملتها العسكرية ضد الجمهورية الإسلامية. وقال في كلمة مصورة: “خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، قضينا على كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين البارزين وأهم منشآت النظام لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى جزء كبير من ترسانة صواريخه البالستية”. وأضاف: “المزيد آتٍ. النظام لا يعرف ما لحق به أو ما سيلحق به. لم يسبق له أن كان ضعيفاً بهذا الشكل”.
وحث نتانياهو الشعب الإيراني على رص الصفوف ضد “النظام القمعي والشرير”، مؤكداً أن بلاده تشنّ “إحدى أكبر العمليات العسكرية في التاريخ”.
من جانبه، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن طهران تجاوزت “الخطوط الحمر” باستهدافها مناطق مدنية.
وكان نتانياهو قد توقع سابقًا “عدة موجات من الهجمات الإيرانية”، بينما أكد رئيس أركان الجيش إيال زامير أن الدولة العبرية تواصل استخدام “كامل قوتها” لتحقيق أهداف ضرباتها ضد إيران.
وأكد مسؤول أمريكي لوكالة فرانس برس طالباً عدم الكشف عن هويته أن بلاده “تساعد في إسقاط صواريخ تستهدف إسرائيل”، دون تقديم تفاصيل حول حجم دور واشنطن. وقد استهدفت الضربات الإسرائيلية التي بدأت فجر الجمعة مواقع نووية وعسكرية شملت منشأة نطنز، وأسفرت أيضاً عن مقتل قادة عسكريين بارزين مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة محمد باقري وقائد الحرس الثوري الإسلامي حسين سلامي وقائد القوة الجوفضائية للحرس أمير علي حاجي زاده.
استمرت الضربات الإسرائيلية طوال اليوم، مما أدى إلى مقتل 18 شخصًا في مدينة تبريز ومحيطها شمال غرب البلاد وفقًا لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية (إرنا)، التي أشارت أيضًا إلى سماع دوي انفجارات في طهران والمناطق المحيطة بها.
كما أفادت وسائل الإعلام بوقوع ضربة جديدة على منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم وسط البلاد.
التطورات النووية وتأثيرها
مساء الجمعة، أفاد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفاييل غروسي بأن إيران أبلغت الوكالة بتعرض موقعي فوردو وأصفهان النووين للاستهداف. فيما أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية حدوث أضرار محدودة بالموقعين.
وقال المتحدث باسم المنظمة بهروز كمالوندي إن “الأضرار اقتصرت على مناطق لم تسبب أي أضرار هيكلية في حالة فوردو… وفي أصفهان وقعت أيضاً هجمات على عدة نقاط مرتبطة بمستودعات اشتعلت فيها النيران”، مضيفاً أنه “لا يوجد ما يدعو للقلق بشأن التلوث”.
ردود الفعل الداخلية والخارجية
بعد إطلاق إيران دفعة من الصواريخ أسفرت عن إصابة العديد من المباني والأشخاص بحسب مسعفين، قال الجيش الإسرائيلي إنه يمكن للمواطنين مغادرة الأماكن الآمنة لكنه حثهم على البقاء بالقرب منها.
في إيران، أكد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أن إسرائيل ارتكبت “خطأ فادحاً” بهجومها الواسع على إيران وتعهد بأن ذلك سيؤدي إلى “تدميرها”. جاء ذلك فيما رفض وزير الخارجية عباس عراقجي خلال اتصال مع نظيره البريطاني ديفيد لامي الدعوات الموجهة إلى إيران لضبط النفس بعد العدوان الإسرائيلي.
دعوة للتحرك الدولي
وفي وقت سابق وصف عراقجي الهجوم الإسرائيلي بأنه “إعلان حرب”، داعياً مجلس الأمن الدولي للتحرك بشكل عاجل. يُشتبه الغرب وإسرائيل بأن إيران تعمل على تطوير سلاح نووي وهو ما نفته الأخيرة مراراً وتكراراً.
مباحثات نووية متعثرة
A جاء الهجوم وسط مباحثات نووية بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة كانت الجولة المقبلة منها مقررة يوم الأحد المقبل في مسقط. مساء الجمعة أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال محادثة هاتفية أهمية الدبلوماسية والحوار لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران. وجاء في بيان صادر عن رئاسة الوزراء البريطانية أنه تم الاتفاق بين الزعيمين على أهمية الحوار الدبلوماسي مع التأكيد مجددًا على المخاوف الخطيرة التي تشعر بها المملكة المتحدة بشأن البرامج النووية الإيرانية.
مواضيع مشابهة: “ح 4” مسلسل حالة خاصة الحلقة الرابعة.. نديم يطلب مساعدة غادة عادل للمرافعة
المواقف الدولية والتداعيات الاقتصادية
K كما حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واشنطن وطهران لاستئناف المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني معتبرًا أنها تتحمل مسؤولية كبيرة في زعزعة استقرار المنطقة بأسرها. يشكل تخصيب اليورانيوم حجر العثرة الرئيسي أمام المباحثات الرامية لضبط برنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها, حيث تطالب واشنطن طهران بالتخلي تمامًا عن التخصيب وهو ما ترفضه الأخيرة بشدة.
B زيادة الإنتاج الإيراني من اليورانيوم المخصب
P أعلنت الجمهورية الإسلامية الخميس أنها بصدد زيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب بشكل كبير مع بناء منشأة جديدة ردًا على اعتماد الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يدين عدم امتثال إيران لالتزاماتها النووية. وتقول الوكالة إن إيران هي البلد الوحيد غير الحائز للسلاح النووي الذي يخصب اليورانيوم عند نسبة 60%. ويحتاج إنتاج قنبلة نووية إلى يورانيوم مخصب بنسبة 90%.
C تحذيرات ترامب لإيران
D عقب بدء الهجوم الإسرائيلي, حضّ ترامب إيران على إبرام اتفاق قبل فوات الأوان محذرًا بأن الضربات المقبلة ستكون أكثر عنفًا. وكتب عبر منصته تروث سوشال: “هناك الكثير من الموت والدمار حتى الآن ولكن لا يزال هناك وقت لإنهاء هذه المجازر والهجمات المستقبلية الأكثر وحشية”. وأكد الرئيس الأمريكي لشبكة فوكس نيوز أنه تم إبلاغه مسبقًا بالضربات الإسرائيلية مشددًا مرة أخرى أنه لا يمكن السماح لطهران بامتلاك قنبلة نووية.
E الهجمات السابقة وتأثيراتها
آخر هجوم إسرائيلي معروف كان قد وقع أكتوبر 2022 عندما نفذت الدولة العبرية ضربات جوية ردًّا على إطلاق حوالي 200 صاروخ إيراني نحو أراضيها, الأمر الذي أثار إدانات واسعة النطاق بما فيها تصريحات السعودية وتركيا وكذلك حركة حماس والحوثيين وحزب الله الذين أدانوا تلك الضربات الإسرائيلية المستهدفة للجمهورية الإسلامية.
أدى هذا الهجوم أيضًا إلى ارتفاع كبير بأسعار النفط بنسبة تصل لـ12%. ومع تزايد المخاوف من التصعيد, قامت شركات الطيران الخليجية وعلى رأسها شركة الإمارات بإلغاء رحلاتها المتجهة للعراق والأردن ولبنان وإيران وسوريا.
كما علقت شركات الطيران الأخرى رحلاتها لدول المنطقة, مثل “إير فرانس” التي توقفت رحلات باريس-تل أبيب و”لوفتهانزا” الألمانية التي أوقفت رحلاتها لإيران.
وأعلنت السفارات الإسرائيلية حول العالم إغلاق أبوابها عقب هذه الأحداث.