القومية الكردية والإدارة الذاتية في حقيبة الوفد الكردي

الحوار بين النسيج الكردي وحكومة دمشق يتجه نحو خطوات ملموسة، قد تؤدي إلى تفاهمات حول إدارة مشتركة أو تحديد آليات لضمان حقوق كافة مكونات هذا النسيج، بما يتماشى مع تطلعات الحكومة. تأتي هذه الخطوات في إطار الجهود الرامية لتدعيم فكرة الحل السياسي الشامل.

في 26 من نيسان الماضي، اعتمد مؤتمر “وحدة الصف الكردي” الذي عُقد في مدينة القامشلي، تشكيل وفد كردي مهمته التفاوض حول حقوق الشعب الكردي ومستقبله في سوريا.

قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، أشار إلى أن تأسيس “الوفد الكردي الموحد” يأتي كجزء من تنفيذ الاتفاق مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال المرحلة الانتقالية.

وفي تغريدة نشرها على حسابه، أكد عبدي في 5 حزيران أن “الوفد الكردي الموحد” يسعى لتثبيت حقوق الشعب الكردي بشكل دستوري ضمن سوريا موحدة.

القومية الكردية لبّ المناقشة

تطرح التحركات الأخيرة تساؤلات عديدة حول طبيعة التفاهمات الممكنة بين الأطراف المختلفة، وآليات المفاوضات التي يمكن أن تؤدي إلى اتفاق شامل بين المكون الكردي والحكومة السورية.

من ناحية أخرى، هناك بُعد خاص يتعلق بالقومية الكردية، حيث يعتبر المجتمع الكردي جزءًا أصيلًا من الدولة السورية. وبالتالي، يجب على الحكومة ضمان حقه في المواطنة وكافة الحقوق الدستورية. وهذا هو جوهر النقاش بحسب خليل.

وأضاف خليل أن الهدف هو الوصول إلى مخرجات تعترف دستوريًا بالقومية الكردية وحقوقها الدستورية. وقد طالبت الأحزاب الكردية بأن تكون سوريا دولة لامركزية ديمقراطية.

الوفد الكردي يطالب بالاعتراف دستوريًا بالقومية الكردية والحقوق الدستورية للكرد، وأن تكون سوريا دولة لامركزية ديمقراطية.

مدير المكتب الكردي للدراسات

نواف خليل

 

معارضة حول اللامركزية

يرى الباحث السياسي حسن النيفي أن المسافة لا تزال بعيدة بين ما يطرحه الوفد الكردي وما تطالب به حكومة دمشق.

ويعتبر النيفي أن المفاوضات الحالية لا تتناول الجوهر الحقيقي للقضية بل تُشكل لجان للتأكيد على استمرار الحوار بين “قسد” والحكومة المركزية.

ويعتقد أنه بالإضافة إلى مسألة اللامركزية، هناك خلاف أيضًا بشأن دمج قوات “قسد” في وزارة الدفاع السورية. إذ ترغب “قسد” في الحفاظ على قوتها العسكرية ككتلة واحدة بدلاً من الاندماج كأفراد داخل الوزارة، وترغب في البقاء بموقعها الحالي في الجزيرة السورية لحماية مكتسباتها وهو ما ترفضه الحكومة السورية.

الوفد الكردي يطرح مسألة اللامركزية والتي ترفضها حكومة دمشق، مما يعني أن المسافة بين الطرفين لا تزال بعيدة.

حسن النيفي

باحث سياسي

وفدان مكملان لبعضهما

أكد مظلوم عبدي أن الوفد الذي يمثل شمال شرقي سوريا (وفد الإدارة الذاتية) والوفد الكردي الموحد يشكلان مسارًا متكاملاً يجسد التزام “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بالحوار الوطني كخيار استراتيجي نحو مستقبل يعزز العدالة والمساواة.

من جهة أخرى، اعتبر الباحث السياسي حسن النيفي أن وفد “الإدارة الذاتية” يمثّل فقط “قسد”، بينما يمثل الوفد الكردي جميع مكونات الطيف الكردي الذي اجتمع في مؤتمر القامشلي.

بينما يعتقد مدير المكتب الكردي للدراسات نواف خليل أن الوفد الكردي سيعمل على وضع أسس دستورية للاعتراف بالقومية الكردية وما يتبع ذلك من ترتيبات ضمن الاتفاق القائم بين الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي.

كما أوضحت الأوساط الكردية أن وفد “الإدارة الذاتية” يشمل العرب والكُـرْد والسريان الآشوريين ويهدف للتفاوض بشأن كل ما يتعلق بـ”الإدارة الذاتية”، بينما يضم الوفد الكردي فقط مكونات النسيج الكردي ويبحث عن قضايا تخص الشعبالكوردي وحده.

جدية دمشق و”قسد” بالاتفاقية

شهدت العاصمة دمشق زيارة لوفد رفيع المستوى يمثل “الإدارة الذاتية” يوم 1 حزيران حيث عقد اجتماعًا مع اللجنة المختصة بإتمام الاتفاق مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وخلال الاجتماع تم التوافق على عدد من الملفات المهمة منها تشكيل لجان فرعية تخصص لمتابعة تنفيذ الاتفاق الموقّع بتاريخ 10 آذار الماضي بين الرئيس أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي.

ويرى البعض أن الاتفاق الأصلي لم يحدد بوضوح شكل الاندماج المستقبلي ولا الهيكل العسكري لـ”قسد”، مما خلق حالة من الضبابية أتاحتها الإدارة الذاتية لطرح تصورات خاصة بها.

وتوقع علوش أن تركز الملفات الكبرى على مستقبل الهيكل العسكري لـ”قسد”، سواء بالدمج كأفراد أو كتكتل عسكري، ومصير “الإدارة الذاتية” الموجودة في شمال شرقي سوريا، بالإضافة إلى طرح قضية اللامركزية وتقاسم الموارد الاقتصادية المتاحة بالمنطقة. كما لا تتوقف المسألة عند العلاقة بين “قسد” ودمشق بل تشمل أيضًا المصالح التركية ومصير الوجود الأمريكي ومكافحة الإرهاب.

لا تفاصيل

أما نواف خليل فيرجح استمرار العلاقة بين “قسد” وحكومة دمشق مع الحاجة للتنسيق المستمر بين الجانبين منذ بدء عملية “ ردع العدوان”.

في حين يرى الباحث السياسي حسن النيفي أن اتفاق 10 آذار هو مجرد اتفاق مبادئ عامة خالٍ من التفاصيل ولم يكن نتيجة ضغوط دوليين وخاصة من الولايات المتحدة وفرنسا؛ لذلك جاء محملاً ببنود عامة دون ذكر التفاصيل الدقيقة المطلوبة لتنفيذها.