شهدت إسرائيل تصعيدًا جديدًا في قصفها على سوريا، بعد فترة من التراجع النسبي في الهجمات الإسرائيلية والتوغل خلال الأسبوعين الماضيين، وذلك عقب الأنباء عن مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الحكومة السورية.
اقرأ كمان: ” جوه وبرا السودان ” فتح حساب بنك الخرطوم أون لاين Bank Of Khartoum بخطوات سهلة واهم الشروط المطلوبة
في الثالث من يونيو الحالي، أُطلقت قذيفتان من الجانب السوري، كما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى أنهما انطلقتا من بلدة تسيل في ريف درعا الغربي وسقطتا في هضبة الجولان المحتل. ولحسن الحظ، لم تُسفر هذه القذائف عن أي إصابات أو خسائر مادية، وفق ما أفادت به الصحيفة الإسرائيلية. تلا ذلك قصف إسرائيلي على ريف درعا الغربي، حيث سقطت عدة قذائف على فترات متقطعة.
رافق القصف الإسرائيلي تحليق مكثف للطائرات الإسرائيلية المُسيّرة فوق المنطقة، لكن الاستهداف لم يُسفر أيضًا عن أي أضرار مادية أو بشرية.
ووفقًا لمراسل درعا، فإن القصف الإسرائيلي لم يستهدف فقط بلدة تسيل؛ بل شهدت أيضًا بلدة كويا في ريف درعا الغربي قصفًا بقذيفتين استهدفتا الأراضي الزراعية غرب البلدة دون أن تُسفر عن إصابات أو أضرار مادية.
جهتان تبنّتا
تبنّت جهتان مسؤولية إطلاق الصواريخ من الجانب السوري نحو إسرائيل. الأولى هي ما يُعرف بـ”كتائب الشهيد محمد الضيف”، نسبةً إلى القائد العسكري السابق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي قضى في غارة إسرائيلية بغزة العام الماضي خلال الحملة الإسرائيلية التي تلت معركة “طوفان الأقصى” التي بدأت في السابع من أكتوبر 2023.
تمتلك “كتائب محمد الضيف” حسابًا على منصة “تلجرام” تم إنشاؤه في الخامس والعشرين من أبريل الماضي. وفي بيان تأسيسها بتاريخ 31 مايو الماضي، وضحت أنها ليست حزبًا ولا تنظيمًا سياسيًا، ووصفت نشاطها بأنه “فعل ثوري مقاوم”، مؤكدة انطلاقها من “قلب فلسطين المحتلة”.
على الرغم من عدم ذكر الجماعة لنشاط لها داخل سوريا، إلا أنها أكدت في بيان تأسيسها أن “أينما كنتم ستجدوننا هناك نقاتلكم بكل ما نملك”، مما يحمل تهديدًا لإسرائيل باستهدافها في كل نقاط وجودها.
في الثالث من يونيو، نشرت “كتائب محمد الضيف” مقطع فيديو يُظهر سقوط قذيفتين على أرض الجولان المحتل، لكنها لم تضف تفاصيل أخرى أو تعقب هذا الفيديو ببيان رسمي. ومع ذلك، صرح أحد قيادييها لقناة “الجزيرة” القطرية بعد الاستهداف بأن “عملياتنا ضد الاحتلال الإسرائيلي هي رد على المجازر التي تحدث في غزة ولن تتوقف حتى يتوقف قصف المستضعفين” في القطاع.
وفي نفس اليوم، ظهرت مجموعة تسمى “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس) بمقطع فيديو يظهر صاروخين مثبتين على قواعد أرضية يُعتقد أنهما هما نفس الصواريخ التي سقطت على منطقة الجولان المحتل، لكنها لم تُدرج تفاصيل إضافية مع المقطع.
في الرابع من يونيو، ظهر المتحدث باسم المجموعة “أبو القاسم” عبر بيان صوتي مصحوب بصورة لعناصر عسكرية ملثمين يحمل أحدهم علم النظام السوري السابق ذي اللون الأحمر للتعليق على إطلاق الصواريخ وتبني العملية.
وعزا “أبو القاسم” سبب إطلاق الصواريخ إلى الغارات المتكررة على سوريا وإلى “المجازر المتواصلة” التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين ولبنان واليمن وسط ما وصفه بـ“موجة التطبيع الخائنة” التي تنتهجها حكومة الأمر الواقع في سوريا.
مقال مقترح: قانون الزواج الجديد في الجزائر 2025 يكشف أسرار تفصيلية مدهشة
أكد أن الاستهداف كان “رداً حقيقياً” يأتي من أرض سوريا ويعتبر واجب الدفاع والاعتبار وإعادة صياغة قواعد الاشتباك. وأوضح أن الصواريخ لم تُطلق عبثًا ولم تكن رسالة عاطفية أو ارتجالية بل جاءت بعد رصد ودراسة دقيقة. كما هدد بأن أي شخص يحاول تجريد سوريا من هويتها المقاوِمة سيجد الصواريخ وغيرها تذكره بأن هناك رجالاً يمتلكون بأساً شديداً.
وحول الرد الإسرائيلي على الصواريخ التي أُطلقت من سوريا، قال “أبو القاسم” إنه لم يكن مفاجئاً بالنسبة لهم (أولي البأس) لأنهم يعرفون طبيعة “العدو” وآلية عمله ويستطيعون قراءة ردود فعله. اعتبر أن الضربة لن تكون سوى دافع للمزيد من التحضير والاستعداد.
ورأى أن ما جرى كان “اختباراً” لطبيعة قراءة نقاط الضعف والقوة التي يعتمد عليها “العدو” (إسرائيل) لبناء منظومته العسكرية ليتم بناءً عليها المزيد من المراحل الجديدة المدروسة للتصعيد. ومع ذلك أكد أنهم لا يسعون إلى حرب شاملة لكنه توعد بمعركة تحمل اسم “وعد الآخرة”.
ثلاث رسائل
حمل بيان “أبو القاسم” ثلاث رسائل رئيسية: الرسالة الأولى كانت موجهة إلى السوريين حيث طالبهم بالعون لـ“أولي البأس”، مذكراً بمقاومة “المحتل العثماني والفرنسي” ومطالب الحرية والكرامة خلال فترة الثورة السورية.
أما الرسالة الثانية فكانت موجهة إلى الحكومة السورية ممثلة بـ“حكومة الأمر الواقع بدمشق”، حيث قال إن “14 عاماً مضت تطالب بالحرية والدماء التي سالت لتحقيق حرية سوريا وتلك الثورة التي طالبت بها قد انحرفت عن مسارها”.
اعتبر هذه الحكومة مشروعاً انهزاميًا يطالب بالتطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل بعض الامتيازات الشخصية والمعنوية.
وفي الوقت نفسه دعا “المجاهدين الحقيقيين” للعودة إلى الدين وطريق الجهاد “الحقيقي”.
أما الرسالة الثالثة فكانت موجهة لإسرائيل وأتباع أمريكا وتركيا وتحمل لغة تهديد ووعيد ووصف الحكومات المطبعة مع إسرائيل بأنها “فئة أضلت الطريق”.
من “أولي البأس”
ظهر تنظيم “أولي البأس” لأول مرة على منصة “تلجرام” بتاريخ التاسع من يناير الماضي تحت اسم “جبهة تحرير الجنوب”، حيث حملت منشوراتهم الأولى تهديدات ضد الوجود الإسرائيلي جنوبي سوريا بسبب عدم وجود إعلان واضح للحكومة الجديدة هناك.
نفى تنظيم “جبهة تحرير الجنوب” ارتباطه بأي طرف أو جهة سياسية سواء داخلية أو خارجية وظل ينفي تبعيته لأي تنظيم حتى بعد تعديل اسمه إلى “أولي البأس” بتاريخ 11 يناير الماضي.
تبنى التنظيم عدة عمليات جنوبي سوريا أبرزها صدّ توغل إسرائيلي بين بلدتي تسيل ونوى بريف درعا الغربي والذي أسفر عن مقتل تسعة شبان محليين بالمنطقة.
في الأسبوع الأول من مايو الماضي زادت نشاطات تنظيم “أولي البأس” السياسية والتنظيمية بشكل ملحوظ حيث أعلنوا عن انعقاد مؤتمرهم الأول الذي ضم مجموعات عسكرية جديدة منها مجموعة تحت اسم “درع الساحل”، والتي انشقت عن ضابط سابق بالنظام يدعى مقداد فتيحة والذي يعد أحد الشخصيات الرئيسية التي قادت أحداث الساحل مارس الماضي وفق جريدة النهار اللبنانية.