مياه زمزم معجزة علمية تتجاوز التفسيرات الأرضية

مياه زمزم معجزة علمية تتجاوز التفسيرات الأرضية

كشف المهندس الجيولوجي سامر شومان، مدير مركز أبحاث وزمزم السابق، عن جوانب وصفها بالمذهلة خلال مسيرته العلمية التي امتدت لنحو 38 عامًا في دراسة وتحليل المياه. وأكد شومان أن مياه زمزم تُعد معجزة جيولوجية فريدة، تجسد فعليًا عبارة عبدالمطلب، جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “للبيت رب يحميه”. في حديثه المفصل عن تجربته الغنية في هذا المجال، قال المهندس شومان: “من خلال سنوات عملي الطويلة ومتابعتنا العلمية الدقيقة والمستمرة لضمان استدامة ونوعية مياه زمزم، أدركت فعليًا وعمليًا معنى هذه العبارة التاريخية الخالدة”. وأضاف: “لقد شهدت بنفسي كيف أن بعض المواقع المحيطة بالبئر تعمل بشكل غير متوقع، حيث تنعكس اتجاهات سريان المياه الجوفية وتتجه نحو البئر بدلاً من الانصراف الطبيعي عنها، في مشهد لا يمكن تفسيره علميًا إلا بقدرة الله ورعايته لهذا المصدر المبارك.”

دراسات جيولوجية وهيدروجيولوجية

وأوضح شومان أن هذه الظواهر الفريدة ليست مجرد مصادفات عابرة، بل تم رصدها وتوثيقها ميدانيًا من خلال دراسات جيولوجية وهيدروجيولوجية دقيقة. وأشار إلى أن الميل الطبيعي لبعض التراكيب الصخرية في المنطقة المحيطة يبدو وكأنه يُوجّه المياه بشكل طبيعي إلى البئر بطرق تخالف الميول السطحية العامة للتضاريس في وادي إبراهيم، مما يؤكد خصوصية هذا الموقع. وفي سياق متصل بالجهود المؤسسية لتطوير إدارة شؤون زمزم، أشاد المهندس شومان بفكرة إنشاء مجلس استشاري علمي متخصص ضمن الهيئة المعنية بشؤون زمزم، واصفًا إياها بـ “الفكرة الرائدة” التي تعكس نضجًا إداريًا ورؤية استراتيجية تهدف إلى الارتقاء بأعمال الهيئة إلى مستوى الهيئات العالمية المماثلة.

رؤية المملكة 2030

قال شومان: “هذا المجلس، الذي يضم شخصيات علمية بارزة وممثلين عن أصحاب المصلحة ويعمل بشكل غير متفرغ، سيضطلع بمهمة حيوية تتمثل في مراجعة المشاريع الكبرى ذات البعد الاستراتيجي التي تحيلها له رئاسة الهيئة، وذلك لضمان توافقها التام مع رؤية المملكة 2030 ورفع كفاءتها التنفيذية إلى أقصى درجة.” وأشار إلى أن المجلس سيقدم المشورة الفنية المتخصصة لرئيس الهيئة، ويقترح أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة، بما يسهم في تحويل الهيئة إلى بيت خبرة عالمي ويعزز قدرتها على تنفيذ مشاريعها بمعايير دولية رفيعة. واختتم المهندس شومان حديثه بالتأكيد على أن خدمة زمزم لا تمثل مهمة مهنية فحسب، بل هي مسؤولية إيمانية وعلمية في آن واحد، وأن استدامة هذه النعمة الربانية العظيمة تتطلب تسخير العلم والتخطيط الدقيق جنبًا إلى جنب مع الإيمان العميق.

محيط بئر زمزم

وأشار شومان إلى أن ما رآه من ظواهر طبيعية إعجازية في محيط بئر زمزم يزيده يقينًا بأن لهذا البيت ربًا يحميه. يُذكر أن الموقع الجغرافي لبئر زمزم المباركة يُعد بحد ذاته من المعجزات، كونه يقع في منطقة مباركة بجوار البيت الحرام، وفي أخفض نقطة جيولوجيًا في منطقة الحرم المكي الشريف داخل حوض وادي إبراهيم، الذي وصفه المولى عز وجل في القرآن الكريم بأنه “وادٍ غير ذي زرع”. وتخضع البئر للنظام الجيولوجي والهيدروجيولوجي والهيدرولوجي السائد في المنطقة، حيث تتأثر كمية ونوعية المياه الواردة إليها بمعدلات هطول الأمطار ونسب شحن الخزان الجوفي لوادي إبراهيم عبر الزمن، وهو أمر مثبت في السجلات الخاصة بأداء البئر الواردة في التوثيق التاريخي للحرم المكي الشريف وفي كتب التراث والدراسات العلمية الحديثة.