المدرب أبو عودة أراد إطعام طفلتيه فمزقت قلبه رصاصة إسرائيلية

المدرب أبو عودة أراد إطعام طفلتيه فمزقت قلبه رصاصة إسرائيلية

لم يكن محرز أبو عودة، مدرب اتحاد بيت حانون الرياضي، يؤمن يومًا بالدور الذي تدعي مراكز المساعدات الأميركية في غزة أنها تلعبه. كان يرى أن هدفها هو تقديم المعونات الغذائية للفلسطينيين، بينما في الواقع كانت وسيلة لقتلهم وإذلالهم. هذا الأمر أثبتته الأحداث على الأرض خلال الأسابيع الماضية. ورغم عدم تفكيره سابقًا في التوجه إلى تلك المراكز، إلا أن الظروف القاسية التي عاشتها غزة أجبرته أخيرًا على اتخاذ قرار مخالف لقناعاته.

في 30 يوليو/تموز 2025، قرر محرز بشكل مفاجئ الذهاب إلى ما يُعرف بنقطة زيكيم شمال غزة بعد أن أرهقه الجوع وأثر على طفلتيه الرضيعتين تالا وتولين. كان يأمل أن يعود بكيس من الطحين لهما ولأمهما، لكنه للأسف عاد داخل كفن أبيض بعد إصابته برصاصة قناص إسرائيلي استقرت في قلبه وأدت إلى استشهاده على الفور.

لحظات مؤلمة

قال شاهر أبو عودة، شقيق محرز، إنه كان يتناول بعض الطعام مع شقيقه ظهر ذلك اليوم ولم يخبره مطلقًا عن نيته التوجه إلى تلك المراكز، خاصة أنه كان يلوم بشدة من يفعل ذلك. تلقى شاهر اتصالاً من مجهول سأله: “هل أنت شاهر، لاعب الكرة السابق وشقيق محرز؟”، فأجاب: “نعم”. عندها أخبره المتصل بأن شقيقه مصاب بطلق ناري وهو في طريقه إلى عيادة الشيخ رضوان شمال غزة. وبعد لحظات جاء اتصال ثانٍ من شخص آخر يؤكد نفس الخبر.

الرحلة الأخيرة

توجه شاهر مسرعًا إلى العيادة ليجد شقيقه محرز داخل كفن أبيض وقد أصيب برصاصة غادرة في قلبه، اخترقت قميصه الرياضي الأزرق الذي يحمل شعار نادي بيت حانون الرياضي. وأضاف شاهر: “كان شقيقي دائم القلق على كل من يذهب إلى تلك المراكز؛ فقد عاد كثيرون منهم شهداء أو أصيبوا بجروح خطيرة ومزمنة. لكنه في النهاية اضطر للتوجه إليهم بسبب الجوع.. ذهب بملابسه الرياضية وبقميص ناديه الذي أحبه طوال حياته”.

نزوح ومعاناة

ارتبط حب محرز لكرة القدم منذ صغره، إذ نشأ في عائلة رياضية وكان منزله يطل على الملعب البلدي في بيت حانون. لكن هذا الملعب الذي شهد أحلامه دُمر بالكامل خلال الشهر الثاني من الحرب. نزح محرز مع عائلته من بيت حانون إلى جباليا بدايةً، ثم تكرر نزوحهم داخل مدينة غزة 11 مرة قبل الانتقال إلى الجنوب مع زوجته ووالده الذي ظل يرعاه حتى وفاته يوم 17 يوليو/تموز 2024.

الحياة تحت الضغط

قبل الحرب، كان محرز يعتمد على راتب متواضع من نادي بيت حانون الرياضي، والذي توقف مع بداية العدوان مما جعله يعاني مرارة الجوع وضيق الحال حتى أنه لم يتمكن من بدء مشروع صغير مثل غيره من الرياضيين الذين تحول بعضهم للبيع عبر بسطات الشوارع.

من اللعب إلى التدريب

خلال مسيرته كلاعب كرة قدم، ارتدى محرز أبو عودة قميص فريقين فقط: شباب بيت حانون الأهلي واتحاد بيت حانون الرياضي. وبعد اعتزاله اللعب اتجه نحو التحكيم وأدار عددًا من مباريات دوري الدرجتين الثانية والثالثة بعد حصوله على شهادة تحكيم معتمدة من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم. ثم انتقل للتدريب وحصل على عدة دورات منحته شهادة تدريب المستوى الأول (A) المعتمدة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ليعمل مساعد مدرب لاتحاد بيت حانون الرياضي قبل أن يتولى المهمة كاملة كمدير فني للفريق.

Google News تابعوا آخر أخبار موقع السعودية نيوز عبر Google News