رحل زياد… والفيلم الأميركي لا يزال طويلاً!

بواسطةلارين حمادهآخر تحديث26 يوليو 2025 - 12:49م

فقدت الساحة الثقافية العربية اليوم أحد أبرز رموزها، إذ غيّب الموت الفنان زياد الرحباني عن عمر يناهز السبعين عاماً. ومع رحيله، تُطوى صفحة مميزة من تاريخ لبنان الذي سطره زياد بألحانه وكلماته المليئة بالجرأة، حيث كان يسعى دائماً لإظهار الواقع في ضوء صارخ.

منذ ولادته في الأول من كانون الثاني 1956، كان من الواضح أن زياد ليس كغيره. فهو ابن أسطورة الفن السيّدة فيروز والملحن الكبير عاصي الرحباني، لكنه لم يقف يوماً في ظلهما بل اختار أن ينطلق إلى آفاق جديدة يجسد فيها رؤية خاصة له. ظهرت أولى علامات تميزه مبكراً عندما كتب كلمات أغنية “سألوني الناس” في سن السابعة عشرة، لتغنيها والدته خلال فترة مرض زوجها عاصي. لم يكن عندها مجرد مراهق يكتشف عالم الفن، بل كان صوت وجع ناضج أراد أن يحول الغياب إلى حضور لا يُنسى.

من نفس التصنيف: شمس البارودي تتحدث عن أزمة محمد رمضان والطيار الراحل أشرف أبو اليسر

رحلة فنية متميزة

لم تتوقف موهبة زياد عند حدود التجربة الأولى. فقد اتخذ موقفاً حازماً تجاه الواقع اللبناني وانخرط في مشاكله المعقدة، محوّلاً فنه إلى سلاح للمواجهة اليومية ضد الطائفية والفساد والظلم. قدم أعمالاً مثل “نزل السرور”، “بالنسبة لبُكرا شو”، و”فيلم أميركي طويل”، حيث بدت نصوصه وكأنها كتبت خصيصاً لزمننا الحالي رغم أنها وُلِدت في فترة مختلفة.

تجديد الأغنية الفيروزية

في جانب آخر من مسيرته، خاض زياد تجربة تجديد الأغنية الفيروزية بطريقة مبتكرة. لم يسعَ لتدمير ما بناه سابقيه، بل عمل على إعادة تشكيله برفق ليقدم لفيروز أغانٍ تلامس قضايا الإنسان المعاصر بأسلوب مباشر وصادق، مما أضاف بُعداً جديداً لمسيرتها الفنية وكان بمثابة جسر بين الأجيال.

موقف فني واضح

كان الفن بالنسبة لزياد أكثر من مجرد أدوات تعبير؛ فقد كان تعبيرًا عن موقف متين تجاه كل شيء حوله. لم يتردد في إعلان قناعاته السياسية ولم يخجل من انتقاد السلطة والنظام الطائفي. كانت لديه رؤية واضحة لمن هم تحت القمة الاجتماعية، حيث رأى فيهم قصة الحكاية نفسها.

أثر دائم

تميز زياد بأنه لم يكن يبحث عن تصفيق أو إعجاب الجمهور بل عن جمهور يفكر ويشعر. عاش حياته بلا مقدمات مصطنعة وغادرها بلا نهايات مرتبة، كما كان دوماً حاداً وساخراً حين يستدعي الأمر ذلك. رحل زياد لكن أثره يبقى حياً عبر نصوصه التي ما زالت تحمل تلك العتمة الساخرة التي تشبه واقعنا اليوم.

المصدر: