تراجع حاد في صادرات الصين من معدنين استراتيجيين

خلال الأشهر الثلاثة الماضية، شهدت صادرات الصين من معدني الأنتيمون والجرمانيوم انخفاضًا كبيرًا بسبب القيود الصارمة التي فرضتها السلطات الصينية على تصدير هذه المواد الأساسية. يُعتبر هذان المعدنان مهمين للغاية في عدد من الصناعات التكنولوجية والدفاعية.

ووفقًا لبيانات الجمارك الصينية، انخفضت شحنات الأنتيمون بنسبة 88%، بينما تراجعت صادرات الجرمانيوم بنسبة 95% خلال شهر يونيو مقارنة بمستواها في يناير الماضي. تعد الصين المورد الرئيسي عالميًا لهذين المعدنين سواء في التعدين أو التكرير. يتميز الجرمانيوم بأهمية استراتيجية لاستخدامه في صناعة الألواح الشمسية وكابلات الألياف البصرية وأجهزة الرؤية الليلية، بينما يدخل الأنتيمون في إنتاج السبائك المقاومة للحرارة والذخائر والتطبيقات الدفاعية والتكنولوجية الحساسة.

القيود المستجدة وتأثيراتها

أدرجت بكين هذين العنصرين ضمن قائمة المواد الخاضعة للرقابة على التصدير وسط توتر متزايد مع الولايات المتحدة بشأن التكنولوجيا المتقدمة. فرضت القيود على الجرمانيوم منتصف عام 2023 ولحق به الأنتيمون في أوائل عام 2024. وفي خطوة تصعيدية، أعلنت الصين وقف تصدير هذين العنصرين إلى السوق الأمريكية ردًا على العقوبات المفروضة من واشنطن المتعلقة بتصدير الرقائق المتطورة إلى الصين. أدى ذلك إلى تعميق المخاوف حول استقرار سلاسل التوريد العالمية لهذه المعادن عالية القيمة.

محاولات التحايل وانعكاساتها

تشير تقارير إعلامية إلى أن بعض الجهات حاولت التحايل على القيود عبر تصدير الأنتيمون بشكل غير مباشر إلى الولايات المتحدة عن طريق دول وسيطة مثل تايلاند والمكسيك. لكن البيانات الرسمية تظهر تراجعًا حادًا حتى في هذه المسارات البديلة حيث انخفضت الشحنات المرسلة إلى تايلاند بنسبة تقارب 90% منذ أبريل ولم تُسجل أي صادرات إلى المكسيك منذ ذلك الحين.

التداعيات الاقتصادية والسياسية

أدى التضييق على الإمدادات إلى قفزات حادة في الأسعار العالمية؛ فقد تضاعف سعر الجرمانيوم النقي منذ منتصف عام 2023، بينما سجل سعر الأنتيمون ارتفاعًا يقارب أربعة أضعاف مقارنة بأسعاره في مايو من العام السابق نتيجة ندرة المعروض وتشديد القيود الصينية. يرى مراقبون أن الصين تستخدم هذه السياسة كوسيلة ضغط ضمن نزاعها المتصاعد مع الدول الغربية بشأن التقنيات المتقدمة وسط ما يوصف بأنه سباق للسيطرة بمجالات الذكاء الاصطناعي والابتكارات العسكرية والاتصالات مما يعيد مسألة هشاشة سلاسل الإمداد العالمية ويحث العديد من الشركات الغربية على البحث العاجل عن مصادر بديلة أو تعزيز قدراتها على إعادة التدوير لتقليل الاعتماد الكلي على الصين.