ريفالدو: أسطورة كرة القدم
في عالم كرة القدم، هناك نجوم تألقوا لفترة ثم تلاشى بريقهم، وآخرون صنعوا المجد وتركوا إرثاً خالداً. لكن القلة فقط هم من كانوا مثل ريفالدو؛ رجل نشأ في الأحياء الفقيرة، فنان على العشب الأخضر، وأحياناً ماكر لا يتردد في اللعب على أعصاب الجماهير والحكام.
البدايات الصعبة
مقال له علاقة: هاني رمزي يحدد المدرب المثالي للأهلي ويشدد على ضرورة الدعم الفوري
وُلد ريفالدو في حي باوليستا الفقير بالبرازيل، حيث كان يبيع العصائر والحلويات على الشاطئ لمساعدة عائلته. لم يكن طريقه إلى المجد سهلاً؛ ففي سن الخامسة عشرة، فقد والده في حادث مأساوي، لكنه استمر في السير لمسافات طويلة يومياً للتدرب، متحدياً الحزن والفقر.
أكسبت تلك الحياة القاسية ريفالدو صلابة مميزة جعلته نجمًا في ديبورتيفو لاكورونيا، حيث سجل 21 هدفًا في موسم واحد فقط، مما دفع السير بوبي روبسون لجلبه إلى برشلونة.
أعظم فصول ريفالدو
مقال له علاقة: يلا شوت الجديد تعادل.. نتيجة مباراة المغرب والرأس الأخضر اليوم الودية maroc vs cape verde
مع العملاق الكتالوني، كتب ريفالدو أعظم فصول مسيرته. في موسمه الأول، سجل 19 هدفًا وأهدى برشلونة الثنائية المحلية ثم تُوّج بالكرة الذهبية بعد موسم أسطوري آخر أحرز فيه 24 هدفًا.
لكن حتى وهو يتربع على القمة، ظل البرازيليون يرون فيه غريباً؛ فقد حملوه مسؤولية الخروج المذل من أولمبياد أتلانتا ورأوا أنه يفضل برشلونة على منتخب السيليساو. ومع ذلك، عاد المجد ليطرق بابه بقوة في ليلة 2001 الأسطورية ضد فالنسيا. حينها كان برشلونة يواجه خطر الغياب عن دوري الأبطال. تقدم ريفالدو بهدف رائع من ركلة حرة ثم أضاف هدفاً آخر من خارج المنطقة. تعادل فالنسيا مرتين حتى جاءت اللحظة التي لا تُنسى.
في الدقيقة 89، استقبل ريفالدو تمريرة فرانك دي بور بصدره، وبدلاً من تسديدها مباشرةً، قفز عالياً ليسجل مقصية خالدة وضعت كامب نو في حالة هيستيريا. في تلك الليلة، ارتقى ريفالدو إلى مصاف أساطير النادي.
المشاهد السلبية
لكن مسيرة ريفالدو لم تخلُ من المشاكل. ففي كأس العالم 2002، ساعد البرازيل على حصد اللقب بأداء مبهر سجل فيه 8 أهداف خلال التصفيات وأبدع في النهائيات. إلا أن لحظة تمثيله المبالغ فيها ضد تركيا عندما أمسك بوجهه بعد أن ارتطمت الكرة بساقه كلفته غرامة وشوهت صورته في ملحمة كان ينبغي أن تكون نقية.
بعد انتهاء حقبة ريفالدو مع برشلونة، واجه صعوبة في ترك بصمة مع ميلان بالدوري الإيطالي الصارم ورفض عرضاً مغرياً من بولتون ليختار أولمبياكوس. استمرت رحلته متنقلاً بين الأندية حتى اعتزل اللعب عن عمر يناهز 43 عاماً. ومع ذلك فإن ذروة إبداعه لم تتجاوز خمس سنوات لكنها كانت سنوات ساحرة.
الإرث الدائم
لم يكن ريفالدو الأكثر كاريزما مثل بيكهام أو رونالدو ولم يكن دبلوماسياً مع الإعلام؛ لذا بقي “الرجل الغريب”. ولكن في عالم كرة القدم يُحكم عليك بما تقدمه بقدميك، وقد امتلك ريفالدو قدماً يسرى حولت الركلات المقصية إلى فن وجعلت المباريات الكبرى معارض شخصية لعبقريته.
بين عبقريته ومكره يبقى ريفالدو ظاهرة كروية خالدة جمعت بين المجد والجدل. لكنه فوق كل شيء كان ساحراً لا مثيل له يجبر الجميع على حبس أنفاسهم كلما لامست قدماه الكرة.