مؤتمر السويداء.. “استراتيجية” للتفاوض مع دمشق ومخرجات مؤجلة

انتهت فعاليات “المؤتمر العام” في مدينة السويداء جنوبي سوريا اليوم، الثلاثاء 17 من حزيران، والذي دعا إليه سياسيون وناشطون وفعاليات مدنية للخروج بتوصيات ومطالب لعرضها على الحكومة السورية في دمشق.

حضر المؤتمر نحو 120 شخصية، بينهم ممثلون عن شخصيات دينية بارزة، مثل شيخ عقل الطائفة الدرزية، يوسف جربوع وحمود الحناوي، بالإضافة إلى ممثل عن الرئيس الروحي للطائفة، حكمت الهجري. كما كان هناك أيضًا شخصيات من الطائفة المسيحية.

وأشارت الأمانة العامة للمؤتمر إلى أن من أولوياتها التنسيق مع دمشق وتعزيز العلاقة بين المحافظة والحكومة، مع التأكيد على أهمية مشاركة السويداء في بناء الدولة السورية والمساهمة فيها بشكل فعال.

وتمخض عن الأمانة العامة لجان تعمل على التنسيق مع السلطة، وهي إحدى المهام التي أخذت شرعيتها من المؤتمر الذي جمع معظم الفعاليات في المحافظة، وفق ما ذكرته الناشطة السياسية.

وأوضح المهندس ضاحي الدبس، ممثل نقابة المهندسين الزراعيين في المؤتمر، أن الأمانة العامة التي تم انتخابها تتألف من 31 عضوًا، منهم ست سيدات وثمانية شباب بالإضافة إلى سياسيين آخرين.

مخرجات مؤجلة.. نقاط مشتركة

قال الباحث السياسي وأحد أعضاء لجنة المراقبة في المؤتمر جمال الشوفي إن أعضاء اللجنة لا يزالون بصدد صياغة المخرجات والتي تحتاج إلى وقت نظرًا لحجم المداخلات الكبير.

وبحسب الناشطة ميساء العبد الله، تم تسجيل أكثر من 90 مداخلة خلال المؤتمر تمت مناقشتها ضمن جلسات حوارية. وأكدت أن المخرجات لن تصدر حتى يتم صياغتها بشكل واضح.

تمثلت النقاط التي نوقشت بحسب الشوفي في حالة الاستعصاء التي تعيشها السويداء وضرورة التواصل مع الحكومة، مشيرًا إلى أهمية التفرقة بين مفهوم الدولة والسلطة.

كما تناول المؤتمر ضرورة تفعيل الاتفاقات السابقة وضبط السلاح وبحث ملف العدالة الانتقالية. تم انتقاد الإعلان الدستوري والدعوة لفتح حوار حوله وتجريم الخطاب الطائفي ومحاسبة مرتكبيه. كما تم المطالبة بفتح تحقيق فيما جرى في السويداء وصحنايا وجرمانا أواخر شهر نيسان الماضي.

وتخللت المناقشات أيضًا شكل الدولة حيث اتفق المشاركون على أن تكون سوريا دولة مؤسسات وقانون بعيدًا عن الاصطفاف خلف الألوان الدينية أو الأيديولوجية.

وكان هناك بعض المطالب التي اعتبرها الشوفي “استباقية”، تتعلق باللامركزية. بينما أكد الحاضرون على أن شكل الدولة سيحدد باتفاق وطني سوري عام مستقبلاً.

أجواء “إيجابية”

ذكرت الناشطة ميساء العبد الله أن الحضور اتفقوا على مبادئ واحدة تتمثل بسوريا موحدة والسويداء جزء لا يتجزأ منها وضد الانفصال.

وأضافت أن شكل الحكم في سوريا يجب أن يقرره جميع أفراد الشعب السوري وليس طائفة أو محافظة أو حتى السلطة الانتقالية الحالية التي ليست ضمن مسؤولياتها.

انسحابات

شهد المؤتمر العام في السويداء انسحابًا من جانب فصيل “حركة رجال الكرامة” والأمير حسن الأطرش.

من جانبها، أعلنت الحركة عن مقاطعتها للمؤتمر بسبب رفضها أي مسار يقوم على “إقصاء الصوت الوطني الحر واحتكار القرار”، وفق تعبيرها.

وأوضحت “رجال الكرامة” أن سبب انسحابهم يعود إلى تلقيهم دعوةً لحضور المؤتمر بصفة “ضيف” دون حق الترشح أو التصويت للأمانة العامة.

ذكرت الحركة أن اللجنة أبلغتهم بعدم تخصيص كلمة ضمن أعمال المؤتمر، وهو ما أكّد “الهواجس السابقة” بشأن وجود جهة تتحكم بمسار المؤتمر وتعمل على “إقصاء الكلمة الحرة” و”احتكار القرار”.

قالت المنسقة في المؤتمر ميساء العبد الله إن اللجنة تسعى للعمل على حالة مدنية للخروج من الفوضى المستمرة منذ 14 عامًا والتخلص من جميع أشكال الاستبداد سواء داخليًا أو على مستوى سوريا بشكل عام.

وأشار الباحث السياسي جمال الشوفي إلى أنه تم سحب دعوة الفصائل العسكرية ليلة انعقاد المؤتمر. ورغم ذلك اعتبر هذا الأمر لا يؤثر سلبًا على سير المرحلة قائلًا إن هذه مواقف يحق لكل فرد اتخاذها.

السويداء.. حالة خاصة

تشهد مدينة السويداء وضعًا عسكريًا وسياسيًا خاصًا؛ إذ تسيطر هيئات وفصائل عسكرية مختلفة على الملف الأمني بالمدينة. بعضها ينسق مع الحكومة وينضم لها شكليًا بينما الآخر يرفض التعامل معها تماماً.

ويمسك المسار السياسي في المدينة شخصيات دينية من الطائفة الدرزية التي تشكل الأغلبية السكانية فيها. ويتصدر هذه الشخصيات الرئيس الروحي حكمت الهجري الذي يتخذ موقفًا مناهضًا للحكومة بالتعاون مع شخصيات دينية وعسكرية أخرى تسعى للتنسيق والتفاهم مع دمشق.

في بداية شهر أيار الماضي، وقعت شخصيات دينية وسياسية وعسكرية اتفاقاً مع الحكومة يقضي بتفعيل الضابطة الأمنية عبر عناصر محلية ويُوكل للسلطات في دمشق حماية الطريق المؤدي إلى المدينة.

جاء هذا الاتفاق بعد توترات أمنية شهدتها مناطق مثل جرمانا وصحنايا في ريف دمشق تبعتها اشتباكات قرب الطريق المؤدي إلى السويداء والبلدات المحيطة بها.