المغربي عادل تاعرابت.. موهبة استثنائية أوقفها عدم الانضباط والغرور | رياضة

في عالم كرة القدم، هناك لاعبون يتمتعون بموهبة فطرية، وآخرون يطورون مهاراتهم من خلال العمل الجاد. وقلة قليلة تجمع بين هذين العنصرين، لكن المغربي عادل تاعرابت كان حالة استثنائية: موهبة مذهلة، ولكن بلا حدود.

تجسد مسيرة تاعرابت قصة لاعب كان بإمكانه أن يصبح أسطورة لو أراد ذلك حقًا.

وُلد عادل تاعرابت في عام 1989 بمدينة تازة المغربية، وبدأ رحلته الكروية في أكاديمية لانس الفرنسية.

بفضل موهبته البارزة، انضم سريعًا إلى الفريق الأول عام 2006، رغم أنه شارك في مباراتين فقط. ومع ذلك، كانت تلك اللحظات كافية لجذب انتباه كبار الأندية الأوروبية.

كان تاعرابت قريبًا من الانتقال إلى أرسنال، لكن توتنهام هوتسبير خطفه في اللحظة الأخيرة عام 2007.

على الرغم من انضمامه إلى “السبيرز”، لم تُتاح له الفرصة لإظهار إمكانياته بشكل كبير، حيث اكتفى بخوض 15 مباراة على مدار موسمين. كان واضحًا منذ البداية أن موهبته تحتاج إلى بيئة مناسبة لتنضج فيها، لذا انتقل على سبيل الإعارة إلى كوينز بارك رينجرز عام 2009.

الفترة الذهبية

وهنا بدأت القصة الحقيقية لتاعرابت، حيث تألق بشكل لافت وأصبح نجم الفريق بلا منازع.

مهاراته الاستثنائية وقدرته على المراوغة وتسديداته الساحرة جعلته اللاعب الأبرز في دوري الدرجة الأولى. وفي موسم 2010-2011، قاد فريقه للتتويج بالبطولة والصعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.

خلال ذلك الموسم، سجل النجم المغربي 19 هدفًا وصنع العديد من الأهداف الأخرى، مما أهله للفوز بجائزة أفضل لاعب في التشامبيونشيب.

اكتسب تاعرابت الثقة بفضل مدربه آنذاك نيل وارنوك الذي آمن به بشدة رغم مشاكله الانضباطية. وكان يقول عنه مازحًا: “منعتُه من دخول نصف ملعبنا. إذا دخل هناك يُغرَّم بـ50 جنيهًا لأنه يأخذ الكرة ويمررها بين أقدام اللاعبين ثم يخسرها ونستقبل هدفًا”.

هذا المزاح يحمل جانبًا من الحقيقة؛ إذ إن تاعرابت لم يكن يحب العمل الدفاعي ولكنه كان ساحرًا عندما تكون الكرة بين قدميه.

بداية الانحدار

بين الإهمال والغرور بعد الصعود إلى البريميرليغ، بدأ مستوى تاعرابت في التراجع. ففي موسم 2011-2012 سجل هدفين فقط.

تزايدت الانتقادات لعادل بسبب قلة انضباطه ولم يعد المدربون يثقون به كما كانوا سابقًا، خاصة مارك هيوز الذي حاول دفعه للالتزام دون جدوى.

على الرغم من تحسنه في موسم 2012-2013 (سجل 5 أهداف)، إلا أن الفريق هبط. جاء هاري ريدناب ليحاول إنقاذه لكنه واجه لاعبًا عنيدًا لا يتدرب ويعاني من زيادة طفيفة في الوزن أثرت على أدائه.

في تصريح شهير عام 2014 قال ريدناب عن تاعرابت: “خاض مباراة احتياطيًا وكنت أستطيع الركض أكثر منه. لا يمكنني اختياره لأنه لا يتدرب ووزنه زائد. إنه ليس مصابًا بل غير لائق”.

ردّ تاعرابت عبر الإعلام مؤكدًا أن وزنه طبيعي وأنه يتلقى إشادات من مدربين آخرين، لكن الضرر كان قد وقع بالفعل؛ فقد ارتبطت صورته بـ”الموهوب الكسول”.

نتيجة لتراجع الأداء والمشاكل المستمرة، فقد تاعرابت اهتمام الأندية الكبرى التي كانت تراقبه مثل باريس سان جيرمان ونابولي وانتقل إلى ميلان على سبيل الإعارة ثم إلى بنفيكا حيث اختفى تماماً عن الأضواء لفترة طويلة.

محاولة العودة

في بنفيكا بدأ بتجربة جديدة لإعادة مسيرته إلى المسار الصحيح وأشار لاحقاً أنه تعلم الكثير هناك عن الالتزام والعمل الجماعي.

بعد غياب طويل عاد أيضًا للمنتخب المغربي وأصبح أكثر نضوجاً داخل الملعب وخارجه.

وفي خطوة أخيرة انتقل تاعرابت إلى نادي الشارقة الإماراتي عام 2022 سعيًا لتحقيق الاستقرار والعودة لمستوى فني جيد.

لا يزال لدى تاعرابت بعض اللمحات من موهبته الأصلية، لكن الزمن علّمه درساً قاسياً مفاده أن الموهبة وحدها لا تكفي في عالم كرة القدم.

كان بإمكان عادل تاعرابت أن يكون أحد أفضل لاعبي العالم في مركزه. لكن الكبرياء والكسل والعناد وغياب التوجيه الصارم كانت عوامل أدت إلى سقوطه كلما حاول الارتقاء مرة أخرى.