حذّرت الولايات المتحدة الأمريكية من احتمال اغتيال الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع. هذه التحذيرات تشير إلى تقاطع مصالح بين دمشق وواشنطن، ما يدفع الأخيرة للقلق على حياة الشرع الذي لا يزال مدرجًا على قوائم الإرهاب، رغم لقائه بالرئيس الأمريكي.
مقال له علاقة: “أرسلها الان لأصدقائك” صور رسائل تهنئة بمناسبة العيد الوطني العماني 2024 / 1446 بجودة عالية
جاء التحذير على لسان المبعوث الأمريكي إلى سوريا وتركيا، توماس باراك، خلال حديثه مع موقع “” الذي نشر هذا الخبر في 10 من يونيو الحالي. حيث أعرب عن قلقه بشأن سلامة الشرع، مؤكدًا: “نحن بحاجة إلى تنسيق نظام حماية حول الشرع”.
مصالح مشتركة
يقول الباحث السياسي السوري، الدكتور نادر الخليل، إن تفسير الاهتمام الأمريكي بحماية الشرع يمكن أن يُفهم من منظور المصالح “الجيوسياسية”. حيث يُعتبر هذا الاهتمام محاولة استباقية لمنع دخول سوريا في فراغ سياسي وأمني غير مرغوب فيه إذا تمت تصفية أو إزاحة الشرع.
ويرى الخليل أن واشنطن تعتبر الشرع بمثابة “صمّام” يمنع الانهيار الكامل في سوريا، وليس كشخص يمثل مرحلة كاملة. ويتطلب ذلك السعي نحو استقرار سوريا.
من جهة أخرى، قد ترى واشنطن في ذلك فرصة لتقديم نفسها كراعٍ دولي للتوازن في سوريا الجديدة بعد الحرب، خاصةً في مواجهة النفوذ الإيراني والروسي حسبما يعتقد الخليل.
كيف تحميه؟
أشار الباحث نوار شعبان من مركز “حرمون للدراسات” إلى أن الرسالة الأمريكية تعكس أن الشرع رئيس “براجماتي” يسعى لبناء دولة قوية والتحرك نحو عملية سياسية شاملة وسط التحديات الراهنة.
ولفت إلى وجود الأخطار والتهديدات سواء تم التصريح عنها أم لا. ومع ذلك، فإن هذا التصريح يعكس قدرة الولايات المتحدة ورغبتها في التعاون مستقبلاً.
وأكد شعبان أيضًا أن هناك تعاونًا قائمًا حاليًا في بعض الملفات، لكن أمريكا تعمل بحذر ملحوظ أمام حلفائها الإقليميين وكذلك تجاه الداخل الأمريكي.
وأشار شعبان إلى أن بعض أعضاء الإدارة الأمريكية ما زالوا يعتبرون الرئيس الشرع جهاديًّا ولن يتغير هذا الرأي. لذا فإن تصريحات أمريكا تُظهر عكس ذلك.
“ذعر ناعم”
قال الباحث نادر الخليل إن قراءة التحذير الأمريكي تكشف عن حالة “ذعر ناعم” من احتمال انفجار متوقع داخل المشهد السوري المعارض قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر أو حتى أسوأ منها.
وأضاف أن واشنطن تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر تقديم “دعم رمزي” للشرع ليس حباً فيه بل خشية من البدائل السيئة المتاحة.
وتتمثل هذه البدائل وفق الخليل بفوضى أمنية قد تغري تنظيم “الدولة” بالعودة، أو صراع دموي بين الفصائل المختلفة، أو حتى عودة النظام بواجهة جديدة تحت دعم روسي أو إيراني مما يؤدي لسوريا إلى دوامة من الانقسامات والعنف.
وعلى الصعيد الأمني والاستراتيجي، تحمل تحذيرات باراك دلالات مهمة تهدف للحفاظ على استقرار نسبي هش يمكّن أمريكا من البقاء لاعبًا مؤثرًا في سوريا دون الحاجة للتدخل العسكري المباشر.
تشير تصريحات باراك أيضًا إلى إدراك الولايات المتحدة للمخاطر والصراعات المحتملة. ويبدو أنها تعلن بشكل واضح أنها لن تتخذ موقف الحياد وفقًا للخليل.
وأكد الخليل أن هذه التصريحات ليست عشوائية بل تعبر عن تحول واضح في القراءة الأمريكية للمشهد السوري الراهن وخاصة فيما يتعلق بمكانة الرئيس الجديد الشرع ضمن التوازنات الحساسة للمنطقة.
مسلحون “ساخطون”
ذكر المبعوث الأمريكي توم باراك أثناء مقابلته مع “المونيتور” أن الإدارة الأمريكية قلقة من جهود الشرع لتعزيز الحكم الشامل والانفتاح على الغرب والتي قد تجعله هدفًا للاعتداءات من قبل “مسلحين ساخطين”.
كما أشار باراك إلى التهديد الذي تشكله الفصائل المنشقة والمقاتلون الأجانب الذين شاركوا مع الشرع في العملية العسكرية التي أطاحت بالرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
وقال: “بينما تسعى القيادة السورية الجديدة لدمج هؤلاء المقاتلين ذوي الخبرة القتالية ضمن جيشها الوطني، يتم استهدافهم بالتجنيد من قبل جماعات مثل تنظيم (الدولة الإسلامية)”.
وفي السياق ذاته أضاف الباحث نوار شعبان أنه لدى الشرع مستوى عالٍ من “البراجماتية”، وبالتالي هناك جماعات سابقة كان جزءًا منها تسعى لاغتياله مثل تنظيم “الدولة”، بالإضافة إلى مجموعات متطرفة أخرى والميليشيات الإيرانية وأعضاء النظام السابق.
بدوره أشار الباحث نادر الخليل إلى دلائل تدل على إدراك واشنطن لخطورة احتمال وجود انقسامات داخل الفصائل المسلحة بسوريا خاصة تلك المرتبطة بـ”هيئة تحرير الشام” التي تُعد القوة الأمنية والعسكرية الأساسية هناك حاليا.
ووفقاً للخليل، فإن الجهة التي ألمح إليها باراك يمكن أن تكون “أجنحة متشددة” داخل الهيئة نفسها أو المحيط القريب منها ممن يرفضون الاتجاه البراجماتي الجديد الذي بدأ يميل إليه الشرع.
وأشار الخليل أيضا إلى فتح الشرع قنوات تواصل مع الغرب وتقديم نفسه كشريك مقبول دوليًا مقابل تقليص نفوذ الجماعات “السلفية الجهادية” الأكثر تطرفاً داخل الهيئة.
احتمالات انشطارات جديدة
ودعا الباحث الى عدم التقليل من إمكانية وجود جهات بدأت تنشط مجددًا تحت مظلة تنظيم “الدولة”، أو حتى داخله تستقطب الساخطين من داخل هيئة تحرير الشام نفسها.
وأكد أنه كلما اتجهت القيادة السورية الجديدة نحو الاعتدال السياسي والواقعية الدولية زادت احتمالية ظهور وتمدد الحركات الراديكالية المتشددة.
مقال له علاقة: إدانة مصرية للتصعيد العسكري الإسرائيلي ضد طهران.. وتحذير من اندلاع نزاع إقليمي
ويعتقد البعض وفقاً للخليل أن تنظيم “الدولة” يراهن حالياً على هذا الانقسام لإعادة التموضع مجددًا في سوريا.
وقد دعا تنظيم “الدولة” خلال افتتاحية صحيفة “النبأ” التابعة له بتاريخ 16 مايو الماضي المقاتلين الأجانب المنضوين تحت وزارة الدفاع السورية للانضمام لخلاياه الريفية معتبرين بأن الشرع استخدمهم لتحقيق مشروعه الخاص .
استراتيجية جديدة لتحرير الشام
ليس سرًا أن الشرع يسعى لإعادة تموضع (تحرير الشام) كمؤسسة محلية براجماتية وليس كتنظيم ذو مرجعية جهادية عبر الحدود ، وذلك بغرض إزالة صفة الإرهاب عنها وتقديمها كشريك ضروري لإدارة شؤون سوريا.
على الرغم من ذلك ، يبدو أن هذه الاستراتيجية ليست محل إجماع داخل الهيئة ، حيث توجد تيارات متطرفة كانت مرتبطة سابقًا بجبهة النصرة أيام ارتباطها بالقاعدة ترى بأن هذا الانفتاح يعتبر خيانة للنهج السلفي الجهادي ، ولهذا السبب بدأت تظهر مخاوف بشأن بعض الأصوات المطالبة بإبعاد الشرع بسبب اتهامات بالانحراف العقائدي أو الموالاة للغرب .
الدكتور نادر الخليل
باحث سياسي سوري
جهات خارجية محتملة
< p >لم يُشر المبعوث الأمريكي إلى سوريا باراك لأي أياد خارجية خلف محاولات الاغتيال ولكنه وضح بأن غياب الإشارة لا يعني عدم وجود الدلائل .
< p >وأضاف أنه ليس منطقي تجاهل احتمال وجود خلايا نائمة مرتبطة بالنظام السوري السابق أو عناصر مخترقة بواسطة الاستخبارات الإيرانية أو الروسية وما زالت نشطة بمجموعة مناطق بسوريا .
< p >وأشار كذلك الى دخول بعض الأعضاء السابقين بالأجهزة الأمنية للنظام المخلوع ضمن تشكيلات الجيش والأمن الجديد بسوريا وهناك تأثير لهذه الأطراف عبر أدوات استخبارية مدنية وفق ما ذكره الخليل .
< p >كما ألمح الخليل الى ان ايران تحتفظ بعلاقات مشروطة مع فصائل متشددة بعضها يتبنى شعارات اسلامية ولكنها تعمل وفق اجندة طهران الأمنية .
< p >ومن جانب آخر يحتفظ الروس بأوراقهم السياسية والأمنية خاصة عبر صلات مع قادة سابقين بالنظام او عبر وسطاء سوريين .
< p >ولا يستبعد الخليل ان ينظر الروس الى شرعي كتهديد لطموحاتهم بعد الأسد لأنه قد يتحول الى واجهة مدفوعة دوليًا وهو ما لا يخدم مصالحهم بشرق المتوسط .
< p >يرى الباحث نادر الخليل الاحتياطات الأمنية المشددة التي يفرضها شرعي على تحركاته كعدم إقامة شعائر رمزية علنية مثل صلاة العيد بالمناطق العامة ليست قرار ديني شخصي بل تعبير عن إدراك عميق للتهديدات المحيطة به .
< p >وأشار كذلك بأن أداء صلاة العيد بالقصر الجمهوري بدلاً مما اعتاد عليه الرؤساء السابقون قد يكون تعبيرا عن واقع امني هش وقد يشير الى خطر داخلي حقيقي لا يجب الاستهانة به . < / P >
< P>< / p> ونقلت صحيفة “” اللبنانية الناطقة بالفرنسية بتاريخ 12 يونيو الحالي عن مصادر غربية لم تسمِّها بأن شرعي تعرض لمحاولتين اغتيال منذ توليه السلطة.< / span >
< p>< / p> وبحسب المصادر التي نقلت عنها الصحيفة وقعت المحاولة الأحدث قبل أسبوعين بينما تمت الأولى بشهر مارس الماضي ووجهت الاتهامات لجماعات جهادية بما فيها تنظيم الدولة.< / span >
< br/ >