ظهرت معلومات جديدة حول الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا، أوستن تايس، الذي اعتقل عند حاجز تابع للنظام خارج دمشق، في 13 من آب 2012. هذه المعلومات تشير إلى أنه كان محتجزًا في مجمع بالقرب من القصر الرئاسي الذي يقطنه بشار الأسد، كما تكشف المزيد عن كيفية اعتقاله ومن المسؤول الأول عن ذلك.
مجلة “الإيكونوميست” نقلت عن اللواء السابق في أجهزة أمن النظام، صفوان بهلول، أن تايس لم يكن محتجزًا لدى فصائل المعارضة بل لدى الدولة السورية بعلم الأسد الكامل. واحتُجز لبعض الوقت في مجمع يضم أقرب مساعدي الأسد.
ممكن يعجبك: احصل على قرض الإسكان العسكري في الأردن 2025 وحقق حلم بيتك
كما ذكرت المجلة أن مؤسس ميليشيا “الدفاع الوطني”، بسام حسن، وهو مستشار غامض ضمن الدائرة المقربة من الأسد، علم بوجود تايس في دمشق وبدأ خطة للقبض عليه. كان تايس يستعد لأخذ استراحة في لبنان بعد فترة شاقة قضاها في تغطية الأحداث في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، حيث بحث عن وسيط لمحاولة عبور الحدود. لكن اتضح لاحقًا أن الوسيط كان يعمل لصالح بسام حسن.
بعد اعتقاله، احتُجز تايس في مرآب داخل مجمع بسام حسن، بالقرب من القصر الرئاسي. وأكد اللواء أن بشار الأسد كان على علم باعتقال أوستن تايس وكان سعيدًا بذلك.
الموقع الذي احتُجز فيه ليس جزءًا من نظام السجون الرسمي ولا مُسجل رسميًا، بل تحت السيطرة المباشرة للموالين للأسد.
اللواء صفوان بهلول أُمر باستجواب أوستن تايس وأشار إلى أن لديه “جهاز اتصال عبر الأقمار الصناعية… هاتف آيفون وهاتف صغير آخر”. بدأ بهلول بتصفح دليل هاتف الصحفي الأمريكي محاولًا معرفة هويته.
اقرأ كمان: اشتباكات في دير الزور تثير قلقاً من تجدد النزوح
أكد اللواء بهلول أيضًا أن تايس تمكن من الفرار من زنزانته لمدة 24 ساعة، مما يتقاطع مع معلومات سابقة نشرتها وكالة “رويترز”. ويشتبه بأن بهلول نفسه ساعد تايس في محاولة الهروب، رغم أنه ينفي ذلك.
ووصف بهلول عملية هروب أوستن تايس قائلاً إنه “فرك جسده بالصابون لترطيب صدره عند عبوره النافذة واستخدم المنشفة… كان هناك زجاج مكسور مثبّت بالأسمنت على قمة سياج. فوضع المنشفة عليه ثم تسلّقه وألقى بنفسه إلى الجانب الآخر”، لكن تم القبض عليه مجددًا بعد 24 ساعة.
ظهر تايس لآخر مرة معصوب العينين ومحاطًا برجال ملثمين يهتفون “الله أكبر”، وتم نشر هذا الفيديو على منصة “يوتيوب” في أيلول 2012. وقد ذكر اللواء بهلول أن بسام حسن هو من دبّر تسجيل الفيديو وتصويره في ريف دمشق الشمالي.
وفقًا لـ “الإيكونوميست”، يبقى أحد الاحتمالات هو أن أوستن تايس لا يزال على قيد الحياة في سوريا، ربما مختبئًا في الأراضي الزراعية النائية بالساحل السوري التي لا تزال أجزاء منها خارج سيطرة قوات الأمن الحكومية.
هناك احتمال آخر أنه نُقل سرًا إلى إيران أو إلى مناطق يسيطر عليها “حزب الله” في لبنان، أو ربما تُرك في سجن سري أو قُتل خلال فوضى الثورة.
وترى المجلة أن الإجابة قد تكون لدى بسام حسن مستشار الأسد الغامض ومؤسس “الدفاع الوطني”.
وأشارت وثائق كشفت عنها المجلة إلى أن تايس احتُجز داخل منشأة أمنية بمنطقة الطاحونة بدمشق. وتشير إحدى الوثائق المصنفة بـ”سري للغاية” إلى أنه كان محتجزًا لدى ميليشيا “قوات الدفاع الوطني” قبل خضوعه للاستجواب من قبل جهاز الاستخبارات العامة.
هيئة الإذاعة البريطانية نقلت عن ضابط سابق في الاستخبارات السورية تأكيده بأن تايس ظل محتجزًا في دمشق حتى شباط 2013 على الأقل. وأضاف الضابط: “النظام كان يدرك قيمة تايس كونه ورقة ضغط محتملة في مفاوضات مستقبلية مع الولايات المتحدة”.
تشير المعلومات أيضًا إلى أن تايس تلقى علاجًا طبيًا مرتين خلال فترة احتجازه بسبب مشاكل صحية عانى منها. كما نُقل عن شاهد زار مكان احتجازه قوله إنه بدا حزينًا وكأن البهجة اختفت من وجهه رغم تلقيه معاملة أفضل مقارنة بالسجناء السوريين الآخرين.
من هو أوستن تايس؟
أوستن تايس يُعتبر واحداً من أبرز المواطنين الأمريكيين المختطفين في سوريا. هو جندي سابق في البحرية الأمريكية ومصور صحفي وُلِد عام 1981. اختار السفر إلى سوريا لنقل الأخبار لوسائل الإعلام الأمريكية مثل محطة “CBS” و”واشنطن بوست” وشركة “ماكلاتشي”، حسبما أورد مكتب التحقيقات الفدرالي.
نفى حكومة النظام السوري أي علاقة لها باختطافه؛ إذ قال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري (حينها) عام 2016 إن “تايس ليس موجوداً لدى السلطات السورية ولا توجد أدنى معلومات تتعلق به”.
تعهد سوري وطلب أمريكي
في 25 من أيار الماضي، تعهدت الحكومة السورية بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن مواطنين أمريكيين مفقودين في سوريا وفق ما نشره المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك عبر منصة التواصل الاجتماعي.
وقال باراك إن الحكومة السورية وافقت على مساعدة واشنطن لتحديد مواقع المواطنين الأمريكيين أو رفاتهم لإعادتهم إلى ديارهم.
وأضاف المبعوث أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر إعادة المواطنين الأمريكيين أو تكريم رفاتهم “أولوية قصوى”، وأن الحكومة السورية ستساعدنا لتحقيق هذا الالتزام حسب قوله.
قبل لقاء الشرع بترامب، بتاريخ 13 من أيار الماضي، كانت الشروط الأمريكية لتحقيق انفتاح مع دمشق تدور حول أربعة مطالب: تدمير مخازن الأسلحة الكيماوية المتبقية والتعاون لمكافحة الإرهاب وإبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب الحكومية العليا وتعيين ضابط اتصال للمساعدة in الجهود الأمريكية للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس.