تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق في التوترات الجيوسياسية، بعد اندلاع مواجهات مباشرة بين إسرائيل وإيران، وهو تطور حاد يُنذر بتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، ويترك أثرًا فوريًا وعميقًا على الأسواق العالمية، ولا سيما سوق الذهب.
ارتفاع أسعار الذهب بشكل لافت ومباشر
أكد خبراء سوق المال أنه منذ اللحظات الأولى لتأكيد الهجمات المتبادلة، بدأت أسعار الذهب في الارتفاع بشكل ملحوظ، مع توجه المستثمرين نحو ما يُعرف بـ”الملاذات الآمنة”، وعلى رأسها المعدن النفيس، باعتباره أحد الأصول القليلة التي تحافظ على قيمتها في أوقات الأزمات، والقلق المتزايد من احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق بين قوتين إقليميتين بحجم إسرائيل وإيران أشعل المخاوف في الأسواق العالمية من اضطرابات محتملة في إمدادات الطاقة وارتفاع تكاليف التأمين والنقل، مما يؤدي غالبًا إلى انعكاسات اقتصادية أوسع تؤثر على الأسواق الناشئة والدول المستوردة للنفط.
اقرأ كمان: تحقيق تغطية بالصرف الصحي بنسبة 90% في قرى حياة كريمة حسب وزارة التخطيط
المزاج العام للمستثمرين وارتفاع سعر المعدن الأصفر
لكن التأثير الأكثر أهمية للحرب تجلى في المزاج العام للمستثمرين، فكلما تصاعدت التصريحات العدائية أو وردت أنباء عن ضربات عسكرية جديدة، ارتفع سعر الذهب في البورصات العالمية، إذ يتحرك الذهب تقليديًا عكس اتجاه المخاطرة. كما يزداد هذا التأثير حين يترافق التوتر السياسي مع مخاوف اقتصادية مثل ارتفاع أسعار النفط أو اضطراب سلاسل الإمداد، مما يُضاعف من جاذبية الذهب كوسيلة للتحوط.
مقال مقترح: أميركا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية بنسبة 30% لمدة 90 يوماً
ضغوط على إيران نتيجة العقوبات الدولية
أضاف خبراء سوق المال أنه بالنسبة لإيران التي تعاني أصلًا من ضغوط اقتصادية نتيجة العقوبات الغربية، فإن الحرب تسهم في تراجع الثقة باستقرارها الداخلي وتدفع الكثير من الإيرانيين إلى شراء الذهب محليًا كوسيلة للحفاظ على مدخراتهم، مما يزيد الطلب على المعدن داخل السوق الإيراني ويسهم في ارتفاع الأسعار محليًا وعالميًا. أما على الصعيد الدولي فإن هذا التصعيد يعيد إلى الأذهان فترات سابقة من التوتر في المنطقة حيث شهدت الأسواق ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الذهب مثلما حدث عقب غزو العراق للكويت أو خلال حرب الولايات المتحدة ضد العراق. واليوم يجد الذهب نفسه مجددًا في قلب العاصفة مستفيدًا من حالة انعدام اليقين ومن السلوك النفسي للمستثمرين الباحثين عن الأمان في عالم مضطرب.
ورغم محاولات بعض القوى الدولية تهدئة التصعيد فإن مجرد التلويح باحتمالات الحرب يكفي لدفع أسعار الذهب إلى مستويات جديدة قد تشكل ضغطًا إضافيًا على اقتصادات هشة وتعقد جهود التعافي العالمي من تبعات الأزمات السابقة وعلى رأسها جائحة كورونا وأزمة التضخم العالمي. جدير بالذكر أن الذهب يبقى هو المرآة العاكسة لتوترات العالم ومع كل قذيفة تسقط أو تهديد يُطلق ترتفع أسعاره تذكير دائم بأن الحروب لا تندلع فقط في الميادين بل أيضًا تؤثر على جيوب الناس وأسواق المال.