وكالة “فيتش” تغير توقعاتها المستقبلية للديون السيادية العالمية

قامت وكالة فيتش بتعديل نظرتها المستقبلية للديون السيادية العالمية للعام الحالي، حيث انتقلت من تصنيف محايد إلى سلبية، مشيرة إلى تزايد الرسوم الجمركية والغموض السياسي وتأثيراتهما المحتملة على النمو العالمي وظروف التمويل.

أسباب تعديل النظرة للديون السيادية العالمية

تتوقع فيتش استمرار الضغوط على المالية العامة، خاصة في الاقتصادات المتقدمة خلال العام الحالي، وذلك نتيجة لارتفاع الإنفاق الدفاعي وزيادة تكاليف الفائدة والتحديات الديمغرافية.

في هذا السياق، قرر البنك الدولي خفض توقعاته للنمو العالمي لعام 2025 بنسبة 0.4% ليصل إلى 2.3%، مشيرًا إلى أن ارتفاع حالة عدم اليقين يشكل “عقبة كبيرة” أمام معظم الاقتصادات تقريبًا.

كما أشار التقرير نصف السنوي للآفاق الاقتصادية العالمية إلى خفض البنك لتوقعاته لما يقرب من 70% من جميع الاقتصادات – بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وأوروبا، بالإضافة إلى ست مناطق من الأسواق الناشئة – عن المستويات التي تم توقعها قبل ستة أشهر فقط من تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه.

مخاطر الركود العالمي

يتوقع التقرير أن تنمو التجارة العالمية بنسبة 1.8% في عام 2025، بانخفاض عن نسبة 3.4% المتوقعة لعام 2024 وحوالي ثلث مستواها البالغ 5.9% خلال عقد الألفينيات. ويستند هذا التوقع إلى التعرفات الجمركية السارية حتى أواخر مايو، بما في ذلك تعرفة أميركية بنسبة 10% على الواردات من معظم الدول، مع استثناء الزيادات التي أعلن عنها ترامب في أبريل والتي تم تأجيلها حتى يوليو للسماح بالمفاوضات.

التضخم العالمي المتوقع

أفاد البنك الدولي بأن التضخم العالمي من المتوقع أن يصل إلى 2.9% في عام 2025، ليظل فوق مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19 نظرًا لزيادة التعرفات الجمركية وضيق أسواق العمل.

التوقعات العالمية تميل بشكل حاسم نحو الجانب السلبي

وأشار البنك إلى أن المخاطر المحيطة بالتوقعات العالمية لا تزال تميل بشكل حاسم نحو الجانب السلبي، حيث أظهرت نماذجه أنه إذا زادت متوسط التعرفات الجمركية الأميركية بمقدار عشر نقاط مئوية إضافية بجانب المعدل الحالي البالغ 10% ورد فعل انتقامي متناسب من الدول الأخرى، فإن ذلك قد يقلل التوقعات لعام 2025 بمقدار نصف نقطة مئوية إضافية.

قال التقرير إن مثل هذا التصعيد في الحواجز التجارية سيؤدي إلى “توقف التجارة العالمية في النصف الثاني من هذا العام… مصحوبًا بانهيار واسع النطاق في الثقة وتزايد عدم اليقين واضطراب الأسواق المالية”. ومع ذلك، أوضح أن خطر الركود العالمي أقل من نسبة 10%.

خفض توقعات النمو في أمريكا

تم تخفيض توقعات النمو للولايات المتحدة بنسبة 0.9 نقطة مئوية عن تقديرات يناير لتصل إلى نسبة نمو تبلغ 1.4%، كما تم تخفيض توقعات عام 2026 بنسبة 0.4 نقطة مئوية لتصل إلى نسبة نمو تبلغ 1.6%. وأكدت المنظمة أن الحواجز التجارية المتزايدة و”حالة عدم اليقين غير المسبوقة” والارتفاع الحاد في تقلب الأسواق المالية ستؤثر على الاستهلاك الخاص والتجارة والاستثمار.

كما تم تخفيض تقديرات النمو لمنطقة اليورو بنسبة 0.3 نقطة مئوية لتصل إلى نسبة نمو تبلغ 0.7% ولليابان بنسبة تصل أيضًا لـ0.7%.

أوضح البنك أنه يتوقع أن تنمو الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بنسبة تصل إلى %3.8 لعام 2025 مقارنة بـ %4.1 وفقاً لتوقعاته السابقة لشهر يناير.
ذكر التقرير أن الدول الفقيرة ستكون الأكثر تأثرًا بهذا الوضع؛ إذ بحلول عام 2027 سيكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيها أقل بـ %6 مما كان عليه قبل الجائحة وقد تستغرق هذه الدول – باستثناء الصين – عقدين كاملين لاستعادة الخسائر الاقتصادية التي لحقت بها خلال العشرينيات.
شهدت المكسيك التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الولايات المتحدة انخفاضًا قدره %1.3 ليصبح معدل نموها %0.2 لعام 2025.
أبقى البنك الدولي على توقعاته للصين دون تغيير عند نسبة %4.5 مقارنة بتنبؤاته لشهر يناير مشيرًا بذلك لأن بكين لا تزال تمتلك مساحة نقدية ومالية لدعم اقتصادها وتحفيز النمو.

لقد أحدث ترامب تحولاً كبيرًا في التجارة العالمية عبر سلسلة متذبذبة من الزيادات بالرسوم الجمركية التي رفعت معدل التعرفة الأميركية الفعلية لأكثر من %20 وهو أعلى مستوى لها منذ قرن تقريباً مما أثار ردود فعل انتقامية من الصين ودول أخرى.
يعتبر البنك الدولي هو آخر جهة تقوم بخفض توقعاتها للنمو نتيجة لسياسات ترامب التجارية المتغيرة رغم إصرار المسؤولين الأميركيين على أن العواقب السلبية ستعوض بارتفاع الاستثمار وتخفيض الضرائب الذي لم يتم إقراره بعد.
توقف البنك عن تقديم التقديرات الدقيقة ولكنه أشار بأن النمو الاقتصادي العالمي هذا العام سيكون الأضعف خارج فترات الركود منذ عام 2008 ومن المتوقع بحلول عام 2027 أن يبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي فقط %2.5 وهو أبطأ معدل لأي عقد منذ الستينات.
يجتمع كبار المسؤولين الأميركيين والصينيين هذا الأسبوع بلندن لمحاولة تهدئة النزاع التجاري الذي توسع ليشمل قيوداً جديدة على المعادن الأرض النادرة مما يهدد بإحداث صدمة لسلسلة التوريد العالمية وتباطؤ النمو.