الاقتصاد العالمي يواجه أبطأ معدل نمو في عام غير ركودي منذ 2008

أصدر البنك الدولي، اليوم الثلاثاء، توقعاته الجديدة التي تشير إلى أن الاقتصاد العالمي يسير نحو تسجيل أبطأ معدل نمو سنوي في عام لا يشهد ركودا منذ عام 2008، وذلك في ظل استمرار التوترات التجارية العالمية وتزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي.

وذكر البنك في تقريره أن السياسات الحمائية وارتفاع الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى الغموض المحيط بها، قد بددت الآمال بتحقيق “هبوط سلس” للاقتصاد العالمي الذي كان يبدو ممكنا قبل أشهر قليلة، وفقاً لما نقلته صحيفة “أكسيوس” الأمريكية.

وقد كتب إنديرميت جيل، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، في التقرير: “كان الاقتصاد العالمي في طريقه للاستقرار بعد سلسلة استثنائية من الكوارث الطبيعية والبشرية خلال السنوات الماضية… لكن تلك اللحظة قد ولت”، مضيفاً: “الاقتصاد العالمي يواجه الآن اضطرابات جديدة”.

ويتوقع البنك الدولي أن يتراجع النمو العالمي إلى 2.3% خلال العام الحالي، وهو أبطأ معدل نمو منذ 17 عاماً باستثناء عامي الركود 2008 و2020، وتمثل هذه النسبة تراجعاً بمقدار 0.4 نقطة مئوية مقارنة بتوقعات البنك في يناير الماضي نتيجة خفض التقديرات للنمو في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى.

كما خفض البنك أيضاً توقعاته للنمو في الولايات المتحدة إلى 1.4% هذا العام، أي أقل بنسبة قريبة من نقطة مئوية كاملة مقارنة بتوقعاته التي صدرت في بداية العام.

ويعتبر البنك الدولي أحدث مؤسسة دولية تحذر من أن السياسات التجارية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستؤدي إلى تباطؤ وتيرة النمو العالمي، حيث انضمت بذلك إلى صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وتستند التوقعات إلى فرضية استمرار مستويات الرسوم الجمركية الحالية كما كانت في نهاية مايو الماضي، بما يشمل الرسوم المخفّضة على السلع الصينية التي تم التفاوض بشأنها الشهر الماضي.

ويتوقع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد العالمي “تعافياً فاتراً” خلال العامين المقبلين مما سيؤدي إلى بقاء الناتج العالمي دون المستويات المتوقعة سابقاً، مشيراً إلى أنه إذا تم خفض الرسوم الجمركية إلى النصف مقارنة بمستويات مايو فقد يضيف ذلك نحو 0.2 نقطة مئوية إلى النمو العالمي متوسطاً بين عامي 2025 و2026 حسب توقعات البنك.

وبحسب تقرير البنك الدولي، يُنتظر أن يتباطأ نمو التجارة العالمية ليصل إلى 1.8% هذا العام مقارنة بـ3.4% لعام 2024، ويتوقع ألا يعود النمو التجاري لمعدلات ما قبل الجائحة خلال السنوات القادمة مما يشير إلى ضرر دائم على تدفقات التجارة العالمية؛ كما رجح البنك أن يصل نمو التجارة إلى 2.7% بحلول عام 2027 وهو أقل بكثير من المتوسط المسجل في العقد الماضي والذي بلغ 4.6%.

تباطؤ التجارة العالمية

ويرى البنك الدولي أن تباطؤ التجارة العالمية يمثل أحدث تهديد يواجه الاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من ارتفاع مستويات الديون وتصاعد التوترات الجيوسياسية ونهاية عصر أسعار الفائدة المنخفضة تاريخياً.

وأوصى البنك الدولي بإعادة بناء العلاقات التجارية العالمية واستعادة النظام المالي الدولي وتسريع خلق المزيد من فرص العمل لتجاوز هذا المنعطف الحاسم الذي يمر به الاقتصاد العالمي اليوم وسط تراجع الظروف الاقتصادية التي كانت تحفز التقارب الاقتصادي وتساعد مليارات البشر على الخروج من دائرة الفقر؛ مؤكداً أنه لا يزال بإمكان الحكومات استعادة زخم الحد من الفقر وتحقيق مستويات معيشية مرتفعة للجيل القادم.