دراسة أمريكية تُثني على السياسة الاقتصادية العراقية.. “عودة هادئة إلى الساحة العالمية للطاقة”

 

عودة هادئة للعراق إلى ساحة الطاقة العالمية

أفاد موقع “أنترناشيونال بوليسي دايجست” الأميركي بأن العراق يشهد “عودة هادئة” إلى عالم الطاقة، مع تساؤلات حول قدرته على تحويل النفط إلى نفوذ اقتصادي مستدام. هذا بينما لا يزال يواجه تحديات مثل “الهشاشة المؤسسية” والتقلبات السياسية المستمرة.

إعادة ضبط الدبلوماسية الطاقوية

وأوضح التقرير أن العراق يعمل على إعادة ضبط دبلوماسيته الطاقوية بهدوء، في وقت يتجه فيه سوق النفط العالمي نحو مرحلة جديدة من التقلبات. هذه التغيرات ناتجة عن تغيرات في التحالفات الجيوسياسية واتجاهات الطلب، بالإضافة إلى الزيادة السريعة لأهمية الانتقال نحو الطاقة الخضراء.

تنويع الشراكات التجارية

وأشار التقرير إلى أن الاتفاقات الأخيرة التي أبرمها العراق مع الصين والهند وفرنسا تعكس جهودًا استراتيجية لتنويع الشراكات التجارية. هذا التنويع يتيح لبغداد تحقيق توازن في مستقبلها الاقتصادي بين القوى الشرقية والغربية. ومع ذلك، تعكس هذه الصفقات أيضًا معضلة أكبر تتعلق بكيفية تحويل دبلوماسية النفط إلى نفوذ اقتصادي مستدام في ظل الظروف الحالية.

اعتماد قوي على النفط

واعتبر التقرير أن اعتماد العراق الكبير على النفط قد جعل بغداد عرضة للصدمات الاقتصادية العالمية. وقد ركزت استراتيجية الطاقة العراقية تقليديًا على تصدير النفط إلى الأسواق الغربية، لكن استمرار عدم الاستقرار السياسي دفع العديد من الشركات الغربية للتردد في الاستثمار على المدى الطويل.

تحول نحو آسيا

وفي محاولة لمعالجة هذه القضايا، أصبح العراق أكثر توجهًا نحو آسيا وأقل نحو أوروبا. وقد برزت الصين كشريك رئيسي للطاقة حيث استوردت 1.19 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل ثلث صادرات النفط العراقية. وذلك رغم عدم كونها جزءًا رسميًا من مبادرة “الحزام والطريق”، إلا أن استثمارات الشركات الصينية تعزز دور بكين كقوة آسيوية أخرى في دبلوماسية الطاقة.

دور الهند وتركيا

بالإضافة إلى ذلك، تكتسب الهند الآن مكانة مهمة كمستهلك للنفط، حيث تجاوزت مشترياتها من العراق مشترياتها من السعودية في عام 2024. ومع ذلك، تبقى تركيا أيضًا لاعبًا مهمًا في المنطقة رغم القيود البنية التحتية للعراق.

التعاون مع فرنسا

ومن جهة أخرى، تسهم العلاقات العراقية مع فرنسا بتعزيز الاستراتيجية الأوروبية للتنوع عبر اتفاقيات مثل تلك الموقعة مع “توتال إينرجي” في 2023. وقد تمثل استئناف هذا الاتفاق بعد تعطل دام عامين مؤشرًا على استعداد بغداد للانخراط بشكل أعمق مع أصحاب المصلحة الأوروبيين.

الشراكات المستقبلية والضغط الإقليمي

يؤكد التقرير أنه رغم وجود شراكات جديدة ومشاريع التعاون الدولي، فإن المشهد الطاقوي العراقي لا يزال يتأثر بالقوى الإقليمية الكبرى مثل إيران وتركيا. إذ استفادت إيران من دورها كمصدر رئيسي للإمدادات الكهربائية مما منحها نفوذًا سياسيًا كبيرًا داخل العراق.

التحديات الداخلية والخارجية

وفي إطار هذا السياق الأوسع، يبدو أن دبلوماسية الطاقة العراقية تتمتع بالتوسع ولكن تواجه قيوداً أيضًا. فبينما تسعى بغداد لتوسيع قاعدتها الاقتصادية وتنويع شركائها الدوليين، تظل قدرتها على تطبيق رؤية سياسة طويلة الأمد مهددة بسبب الانقسامات الداخلية والاعتماد الخارجي.

استراتيجية طويلة الأمد لمستقبل مشرق

ختم التقرير بالتأكيد على أهمية تطوير استراتيجية طاقة متوازنة للعراق تلعب دوراً مهماً في ديناميات الطاقة المستقبلية على مستوى عالمي. ويشير إلى أن نجاح الحكومة العراقية يعتمد ليس فقط على عدم الاعتماد الزائد على طرف معين بل أيضاً على قدرتها لإعادة بناء المؤسسات المحلية والبنية التحتية السياسية.

في النهاية، تتجاوز دبلوماسية الطاقة في العراق مجرد صفقة تجارية؛ فهي تعكس تجربة أوسع وتطرح سؤالاً هاماً: هل يمكن للدولة الغنية بالموارد ولكن الهشة سياسيًا تحويل الحاجة الاقتصادية إلى ميزة جيوسياسية؟ إذا نجح العراق في ذلك، فقد تشكل استراتيجيته الصاعدة بداية فصل جديد يعزز مكانته كلاعب مؤثر وليس مجرد مصدر للموارد.

للمزيد من الأخبار والمستجدات اشترك بقناتنا على