يُعقد هذا المؤتمر، الذي يجمع بين رؤساء الدول وخبراء ومؤسسات مالية ومنظمات غير حكومية وفاعلين في القطاع البحري، ضمن إطار أجندة الأمم المتحدة 2030. يهدف المؤتمر إلى تطوير حلول فعالة للتحديات التي تواجه المحيطات، حيث تتركز المناقشات حول قضايا هامة مثل مكافحة التلوث البلاستيكي، والصيد الجائر، وتحمض المحيطات، وتأثيرات تغير المناخ.
يُعتبر هذا المؤتمر منصة استراتيجية لتعزيز الحوكمة العالمية للمحيطات، وتقوية التعاون الدولي، وتسريع تبني حلول ملموسة لمواجهة الأزمات المناخية والبيئية والاقتصادية. كما يسعى لدعم الالتزامات العملية لحماية التنوع البيولوجي البحري.
اقرأ كمان: تحديثات جديدة حول نظام التقاعد في عمان لعام 2025
المحيط.. رهان عالمي في صلب الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية
هذا المؤتمر العالمي يُعقد للمرة الثالثة بعد نسختيه في نيويورك عام 2017 ولشبونة عام 2022. يهدف إلى تمكين صناع القرار والخبراء ومختلف الفاعلين من استكشاف آفاق متنوعة لمواجهة التحديات الكبرى التي تهدد “الرئة الزرقاء” لكوكب الأرض.
يغطي المحيط أكثر من 70% من سطح الكرة الأرضية ويحتوي على 97% من الموارد المائية على الكوكب. يلعب دورًا حيويًا في تنظيم المناخ عن طريق امتصاص نحو 90% من فائض الحرارة الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة منذ عصر ما قبل الصناعة، وفقًا للبيانات المقدمة خلال المؤتمر.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد أكثر من 3 مليارات شخص حول العالم بشكل مباشر على المحيط كمصدر للغذاء وفرص العمل وسبل العيش، مما يعكس أهميته الحيوية.
ومع ذلك، فإن هذا المورد الحيوي أصبح مهددًا بعدة ظواهر مقلقة. فقد زادت حموضة المحيطات بنسبة 30% منذ العصر ما قبل الصناعي مع توقع ارتفاعها إلى 170% بحلول عام 2100. كما سجلت درجات حرارة المحيطات مستويات قياسية خلال عامي 2023 و2024 مما أدى إلى تفاقم هذه الاتجاهات.
أيضًا هناك الارتفاع المتزايد في مستوى سطح البحر الذي انتقل من 1.3 ملم إلى 3.7 ملم سنويًا بين عامي 1901 و2018. ويتوقع أن تستمر هذه الوتيرة حيث تتراوح التقديرات بين 30 و110 سنتيمترات بحلول عام 2100 وفقًا لسيناريوهات تغير المناخ المختلفة.
منظومات بحرية مهددة.. التنوع البيولوجي البحري في خطر جسيم
منذ سبعينيات القرن التاسع عشر اختفى نحو نصف الشعاب المرجانية الحية، ويتسارع هذا التدهور بفعل الاحتباس الحراري. إذ إن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل درجتين مئويتين قد يؤدي لاختفاء حوالي 99% من الشعاب المرجانية مما يشكل تهديدًا خطيرًا لموائل أساسية في النظام البيئي البحري.
تحتوي المناطق البحرية المحمية حاليًا على حوالي 72% من أصل 1500 نوع بحري مهدد تم رصده بواسطة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. وتشير التقديرات إلى أن ثلث أسماك القرش والأسماك الغضروفية الأخرى مهددة بالانقراض حاليًا بسبب الصيد الجائر بشكل رئيسي.
اقتصاد أزرق متنام.. لكنه تحت الضغط
يمثل الاقتصاد المرتبط بالمحيطات رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ولكنه يتعرض لضغوط متزايدة. فقد سجل الإنتاج العالمي لقطاعي الصيد وتربية الأحياء المائية رقمًا قياسيًا بلغ حوالي 223.2 مليون طن سنة 2022 منها حوالي 92.3 مليون طن من الصيد البحري؛ علمًا أن القطاع يوفر فرص عمل لـ61.8 مليون شخص حول العالم.
Kكما بلغت قيمة صادرات المنتجات البحرية العالمية حوالي195 مليار دولار خلال سنة2022 ، بينما تقدر معدلات الاستهلاك العالمي بـ20,7 كيلوغرام للفرد سنويًّا .
ومع ذلك فإن37,3 %من مخزونات الأسماك البحرية تُستغل بشكل مفرط ، ويُقدر حجم الصيد غير القانوني بما بين10و26 مليون طن سنويًّا أي ما يصل إلى19 %من إجمالي المصيد العالمي .
أما النقل البحري الذي يمثل80 %من حجم التجارة العالمية فهو يعتبر أكثر كفاءة طاقية (أفضل بـ20 مرة مقارنة بالنقل البري) لكنه مسؤول أيضًا عن3 %من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًّا وهي نسبة ارتفعت بـ20 %خلال العقد الماضي حسب البيانات المنشورة بمناسبة المؤتمر .
< p >على الرغم من أن الاقتصاد الأزرق يولد قيمة مضافة سنوية تقدر بـ1,5 تريليون دولار إلا أن الهدف14من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمحيطات يبقى واحداً من أقل الأهداف تمويلً ا ضمن أجندة2030 . ومع ذلك تظهر حلول مبتكرة مثل الطاقات البحرية المتجددة (كالطاقة الريحية والطاقة الكهرومائية البحرية) والتكنولوجيا الحيوية البحرية ورقمنة مراقبة المحيطات باعتبارها مسارات واعدة لتحقيق التوازن بين النمو الأزرق والاستدامة .
برنامج طموح من أجل التزامات ملموسة
< p >على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات وإدراكاً لخصوصيات كل منطقة ينظم القائمون على المؤتمر سلسلةً من الفعاليات الموازية لتعميق الاستراتيجيات الملائمة لكل إقليم .
اقرأ كمان: كيفية التسجيل في منحة 300 دينار تونس 2025 والشروط المطلوبة
< p >يتضمن البرنامج قمة إفريقيا الخاصة بالمحيط والتي يشارك المغرب في رئاستها بالتعاون مع فرنسا حيث تجمع دولاً إفريقية ومؤسسات مالية لمناقشة الإدارة المستدامة للموارد البحرية وتطوير البنية التحتية اللازمة لذلك .
< p >ومن المقرر أيضاً تنظيم منتدى عالمي للجزر وقمة البحر الأبيض المتوسط المتصلة بهدف تعزيز الربط البحري والبري والطاقي .
< p >تختتم أشغال المؤتمر بإطلاق مشاريع رائدة والإعلان عن الالتزامات الدولية لحماية المناطق البحرية وتوقيع اتفاقيات تعاون تهدف لتعزيز تنبؤات مرتبطة بالمحيطات والحكومة الرقمية لها .
< p >هذا المؤتمر يُنظم بشراكة بين فرنسا وكوستاريكا تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة تحت شعار: “تسريع العمل وتعبئة الجميع للحفاظ على المحيط واستغلاله بطريقة مستدامة”.
< p >إعداد: صلاح العوني