دعوات بالإفراج عن سجناء في سجون إدلب

لم تشهد حالة المعتقلين في سجون مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، أي تغييرات تذكر رغم التطورات السياسية والعسكرية التي شهدتها البلاد. لا تزال المطالب تتزايد بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين، الذين تم اعتقالهم من قِبل “هيئة تحرير الشام” قبل سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.

وعلى الرغم من الوعود والخطط والتصريحات التي أطلقتها وزارة الداخلية بشأن تحسين أوضاع السجون، إلا أنها لم تشمل المعتقلين في إدلب، وسط تجدد المطالب بإطلاق سراحهم، وخصوصًا معتقلي الرأي، خاصة بعد انتهاء حقبة “الأسد” وإغلاق السجون التي كانت تُعد مسالخ بشرية.

في 5 يونيو الجاري، أعاد الداعية والشرعي عبد الرزاق المهدي تأكيد دعوته لتبييض السجون مع حلول عيد الأضحى. واعتبر أن الإفراج عن المعتقلين “واجب إلا من حبسه القرآن”، مشيرًا إلى أنه ناشد كثيرًا وطالب مرارًا ولكن دون جدوى.

“إدارة للسجون”

بعد ستة عشر يومًا من توليه منصب وزير الداخلية، أشار الوزير إلى أن ملف السجون يرتبط بذكريات مؤلمة لدى السوريين. وأضاف أنه عُقدت عدة جلسات مع المختصين في هذا المجال نظرًا لأهميته، للوقوف على المعوقات والسعي لتذليلها.

وأكد أن الوزارة تسعى لأن تكون السجون نقطة انطلاق لإعادة تأهيل الموقوفين ليتحولوا إلى أفراد منسجمين مع المجتمع ومنتجين فيه. كما تم الاتفاق مع إدارة الإنشاءات على إعادة تأهيل السجون الحالية بشكل مؤقت حتى يتم إنشاء مراكز توقيف جديدة تساهم في تحقيق العدالة واحترام حقوق الموقوفين.

نور الدين البابا، المتحدث باسم الوزارة، ذكر في 24 مايو الماضي أن الوزارة أسست إدارة خاصة للسجون والإصلاحيات تهدف إلى تكريس مبادئ حقوق الإنسان وإعادة تأهيل السجناء ليعودوا أفراداً نافعين لمجتمعهم. وأشار إلى أن هذه السجون يجب أن تكون وسيلة لإنفاذ القانون وتعزيز التقويم السلوكي مع الحفاظ على كرامة السجين وضمان حقوقه الإنسانية.

وأضاف البابا أن الوزارة تواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بالسجون؛ حيث تفتقر سجون النظام السابق لأدنى مقومات الإنسانية والكرامة وتعتبر شواهد على الجرائم المرتكبة بحق عشرات الآلاف من السوريين المخطوفين والمعتقلين والمغيبين قسرًا. إعادة بناء سجون عصرية بمواصفات إنسانية يتطلب موارد ووقتاً طويلاً.

ما وضع المعتقلين؟

لا توجد إحصائيات دقيقة أو تقديرات لعدد المعتقلين في سجون إدلب. ومع ذلك، فإن أبرز هؤلاء المعتقلين خلال السنوات الماضية كانوا ممن عارضوا سياسات “تحرير الشام”، بما في ذلك ناشطون وشرعيون وأعضاء من حزب “التحرير”، الذي يعد حزبًا إسلاميًا سياسيًا لا يعترف بحدود الدول الوطنية ويطالب بعودة الخلافة الإسلامية مما يتعارض مع أفكار ونهج “هيئة تحرير الشام”.

من بين المعتقلين الذين دعا الداعية عبد الرزاق المهدي لإطلاق سراحهم نجد المشايخ مثل “أبو يحيى الجزائري” و”أبو شعيب المصري”، إضافة إلى سائر معتقلي الرأي في إدلب.

وأوضح أنه رغم إمكانية زيارة المعتقلين من قبل عائلاتهم، إلا أن الظروف ليست كما ينبغي؛ فالزيارة تتم خلف شبكة سماكة، وتكون مدتها قصيرة وتفرض العديد من القيود على الزوار. فمثلاً يُمنع عليهم إحضار البدلات والغيارات للمعتقلين بينما المواد المسموح بإدخالها محدودة للغاية.

وأشار أيضًا إلى غياب الإجراءات القانونية المتعلقة بقضية المعتقلين وعدم إمكانية تعيين محامٍ للدفاع عنهم أو متابعة قضيتهم “وهذا يعد أمر غير متاح”.

وفق توضيحات الحزب المعني، فإن ما يميز قضية المعتقلين هو أنهم محتجزون بسبب مطالبهم “المشروعة” والتي تضمنت “فتح الجبهات”، وهو ما يؤكد تشابه الأحداث الحالية في سوريا مع تلك المطالب.

وبخصوص أي استجابة أو توضيح حول وضع المعتقلين، ذكر الحزب أنه لم يتلقَّ أي ردود من أي جهة كانت معتبرًا أن أعضائه محتجزون بشكل تعسفي وغير قانوني مما يشبه اعتقالاتهم السابقة خلال نظام الأسد.

وأفاد الحزب بأن “تحسين وضع السجون يمكن تقييمه فقط بالنسبة للأشخاص المحتجزين بشكل قانوني ودراسة ظروف احتجازهم. أما الحديث عن ظروف المحتجزين ظلماً وبطرق غير شرعية فهو حديث حول تحسين شروط الاعتداء على حقوق الناس والأحكام العرفية المفروضة.”

وكانت حادثة مقتل العسكري عبد القادر الحكيم المعروف بـ ” ” داخل سجون “تحرير الشام” قد أشعلت حراكاً سلمياً بمدينة إدلب في فبراير 2024 حيث طالب المحتجون بإسقاط قائد الهيئة “أبو محمد الجولاني” وتبييض السجون.

عبد القادر الحكيم كان عضوًا بفصيل “جيش الأحرار” وقد قُتل نتيجة التعذيب بسبب ملف “العمالة”. تم اعتقاله قبل نحو عشرة أشهر ودفنته الهيئة دون إعلام أسرته قبل خمسة أشهر.

بعد الحراك الشعبي، وعد قائد الهيئة وشخصيات أخرى بزيارة السجون وإصدار عفو عام عن المعتقلين. وفي 5 مارس 2024 صدر مرسوم بالعفو العام عن مرتكبي الجرائم بمناسبة شهر رمضان وتم التصديق على مشروع منح العفو بعد حصول المستفيدين على وثيقة “حسن سير وسلوك”، وفق شروط واستثناءات معينة.