وثائق: أوستن تايس كان مُحتجزًا في سجون نظام الأسد

كشفت وثائق استخباراتية تم الحصول عليها من خلال تحقيق صحفي استقصائي، ضمن سلسلة بودكاست على “راديو 4”، أن الصحفي الأمريكي أوستن تايس كان محتجزًا في منشأة تابعة للنظام السوري قرب دمشق.

ووفقًا لتأكيدات عدد من المسؤولين السوريين السابقين، تحدثوا لـ”BBC”، فإن تايس كان محجوزًا داخل منشأة تابعة لجهاز أمني في العاصمة دمشق.

تُعتبر هذه الوثائق أول دليل مادي يثبت مسؤولية النظام عن احتجاز الصحفي الأمريكي، وذلك بعد سنوات من النفي الرسمي عقب اختفائه قرب دمشق في أغسطس 2012.

تشير الوثائق الجديدة إلى أن تايس احتُجز داخل منشأة أمنية في منطقة الطاحونة بدمشق. وتوضح إحدى الوثائق المصنفة بـ”سري للغاية” أن الصحفي الأمريكي كان محتجزًا لدى ميليشيا “قوات الدفاع الوطني” الموالية للنظام، قبل أن يخضع للاستجواب على يد جهاز الاستخبارات العامة.

نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن ضابط سابق في الاستخبارات السورية تأكيده أن تايس ظل محتجزًا في دمشق حتى فبراير 2013 على الأقل. وأضاف أن “النظام كان يدرك قيمة تايس، باعتباره ورقة ضغط محتملة في مفاوضات مستقبلية مع الولايات المتحدة”.

تشير المعلومات إلى أن تايس تلقى علاجًا طبيًا مرتين خلال فترة احتجازه بسبب معاناته من مشاكل صحية. كما نقل شاهد زار موقع احتجازه أنه بدا حزينًا وكأن الفرح قد غاب عن وجهه، رغم تلقيه معاملة أفضل مقارنة بالسجناء السوريين الآخرين.

وفق شهادات للإذاعة البريطانية، حاول تايس الهروب من السجن عبر نافذة زنزانته، لكنه أُعيد اعتقاله لاحقًا وخضع لجولات متكررة من الاستجواب على يد ضباط الاستخبارات.

أوستن تايس هو واحد من أبرز المواطنين الأمريكيين المخطوفين في سوريا. وُلد عام 1981، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية ومصور صحفي. اختار السفر إلى سوريا لنقل الأخبار إلى وسائل الإعلام الأمريكية مثل محطة “CBS” و”واشنطن بوست” وشركة “ماكلاتشي”، وفق المكتب الفيدرالي للتحقيقات.

ظهر تايس في تسجيل مصور بعد شهر من اختفائه، مكبل اليدين ومعصوب العينين برفقة رجل مسلح.

نفت حكومة النظام السوري أي علاقة لها باختطافه. حيث صرح فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري (حينها)، عام 2016 قائلاً إن “تايس ليس موجودًا لدى السلطات السورية، ولا توجد أدنى معلومات تتعلق به”.

تعهد سوري وطلب أمريكي

في 25 مايو الماضي، تعهدت الحكومة السورية بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في البحث عن مواطنين أمريكيين مفقودين في سوريا. جاء ذلك وفق ما نشره المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، عبر منصة التواصل الاجتماعي.

وأوضح باراك أن الحكومة السورية وافقت على مساعدة واشنطن في تحديد مواقع المواطنين الأمريكيين أو رفاتهم لإعادتهم إلى بلادهم.

وأضاف المبعوث أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر إعادة المواطنين الأمريكيين أو تكريم رفاتهم “أولوية قصوى”، وأن “الحكومة السورية ستساعدنا في هذا الالتزام”، حسب قوله.

قبل لقاء الشرع بترامب في 13 مايو الماضي، كانت الشروط الأمريكية لتحقيق انفتاح مع دمشق تتلخص في أربعة مطالب: تدمير أي مخازن متبقية من الأسلحة الكيميائية، التعاون لمكافحة الإرهاب، إبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب الحكومية العليا وتعيين ضابط اتصال للمساعدة في الجهود الأمريكية للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس.

وفي أعقاب ذلك، تعهدت الحكومة السورية عبر رسالة للبيت الأبيض بإنشاء مكتب اتصال داخل وزارة الخارجية للبحث عن الصحفي الأمريكي أوستن تايس المفقود.

تحدثت والدة الصحفي أوستن تايس التي اختفى منذ عام 2012 قائلة إن الحكومة الأمريكية كانت لديها معلومات دقيقة حول مكان ابنها لأكثر من عقد من الزمن.

ذكرت ديبرا تايس لصحيفة “” الأمريكية أنه كان يمكن بذل المزيد من الجهود لاستعادة ابنها مقارنة بما تحقق خلال ثلاث إدارات أمريكية مختلفة.

كما أشارت إلى أن السجن الذي احتُجز فيه ابنها قبل الإطاحة بالأسد “كان معروفاً”، على الأقل لبعض المسؤولين الحكوميين الأمريكيين ولكن يبدو أن المعلومات لم تُبادل بشكل فعال.

وأكدت ديبرا أنه كان معروفًا مكان أوستن حتى سقوط رئيس النظام السابق بشار الأسد أواخر العام الماضي بناءً على سجلات استخباراتية شاملة سمحت لها إدارة الرئيس ترامب مؤخرًا بالاطلاع عليها.

وأعربت عن قلقها بأن جهود العثور على ابنها أصبحت أكثر صعوبة الآن لأنها تعتقد أنه نُقل بعيداً بعد سقوط الأسد بيد قوات المعارضة.

ديبرا تايس تأمل بأن يكثف ترامب جهوده للتعاون مع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الذين قد يساعدون في تحديد مكان ابنها وإعادته إلى الوطن حالما تتأكد أنه لا يزال حيًا.