
لم يكد الصفاقسي التونسي يتجاوز أزمته الإدارية في بداية عام 2024، بعد انتخاب رجل الأعمال عبد العزيز المخلوفي رئيسًا جديدًا، حتى عادت الأزمات لتخيّم عليه مجددًا مع صعود هيئة تصريف أعمال لتولي الشؤون الإدارية حتى نهاية الموسم الحالي.
من نفس التصنيف: القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة السعودية وسوريا الناشئين اليوم الاربعاء 11 سبتمبر 2024 في بطولة غرب اسيا
يواجه الصفاقسي، مثل معظم أندية كرة القدم في تونس، أزمات إدارية وصعوبات مالية خانقة، مما دفع المسؤولين إلى الابتعاد عن تحمل مسؤولية الرئاسة أو الترشح للانتخابات. وهذا أدى إلى استمرار المجالس المؤقتة في إدارة تلك الأندية بشكل شبه شامل في دوري المحترفين.
يعتبر النادي الصفاقسي مثالاً للأوضاع الإدارية والمالية الصعبة التي تعاني منها كرة القدم في تونس، حيث يعيش أكثر من نصف أندية دوري المحترفين حالة من الفراغ الإداري نتيجة استقالة رؤساء مجالس الإدارة أو وجود رؤساء مجالس مؤقتة تتولى تصريف الأعمال لفترات قصيرة بعد تزكية داخلية.
في عام 2022، تولى مجلس إدارة مؤقت إدارة الصفاقسي بعد استقالة رئيسه المنصف خماخم. ثم عُقدت جلسة عامة انتخابية في عام 2024 أسفرت عن انتخاب عبد العزيز المخلوفي لرئاسة الفريق، إلا أن سجنه بسبب قضايا فساد إداري أدخل النادي في أزمة إدارية جديدة.
شوف كمان: سيد عبد الحفيظ: لن أنسى 4 أحداث لـ علي معلول مع الأهلي
انتخابات مؤجلة ومجالس استثنائية
خلال السنوات الأخيرة، أصبحت رئاسة أندية كرة القدم مهمة شبه مستحيلة وهدية مسمومة يتحاشاها الجميع خوفًا من الفشل الكروي والإفلاس الذي بات خطرًا يهدد هذه الأندية نتيجة تراجع الإيرادات وتخلي الدولة عن دعم النوادي الرياضية مع فرض إجراءات تزيد من الضغوط المالية.
مع نهاية موسم 2024-2025، تعيش نحو نصف أندية الدوري التونسي البالغ عددها 16 ناديًا وضعًا إداريًا غامضًا. ويتهددها الفراغ الإداري نظرًا لأن معظم مجالس الإدارة المشرفة على شؤونها محدودة زمنياً بموسم واحد فقط.
تشهد أندية الأفريقي والنجم الساحلي والصفاقسي والاتحاد المنستيري واتحاد تطاوين واتحاد بن قردان تولي هيئات إدارية مؤقتة بسبب تفشي ظاهرة العزوف عن الترشح للانتخابات هرباً من شبح الإفلاس وتزايد الديون.
في أوائل مايو/أيار الماضي، دعا الصفاقسي لعقد جلسة عامة انتخابية للعامين المقبلين (2025-2027) يوم 31 من الشهر نفسه. ولكن انتهت فترة تقديم الترشيحات دون أن يتقدم أي مسؤول للانتخابات.
أعلن الفريق الذي تأسس عام 1928 أن انتهاء الآجال وعدم ورود ملفات ترشح جديدة سيؤدي إما لاستمرار عمل الهيئة المؤقتة أو لفتح مواعيد جديدة للتقديم.
يرى جوهر العذار، الرئيس السابق للهيئة التسييرية للصفاقسي، أن “الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها الرياضة التونسية والقوانين الحالية لإدارة الأندية هي السبب الرئيسي وراء عزوف المسؤولين عن تحمل مسؤوليات رئاسة أو عضوية جمعيات كرة القدم”.
وقال للعربية نت: “تعاني أندية كرة القدم أزمة حقيقية في الإدارة، وأحد أبرز مظاهرها هو الاعتماد على التسيير المؤقت لفترات محدودة دون إجراء انتخابات. وهذا يجعل عمل تلك المجالس مقتصرًا على تصريف الأعمال وتجنب الفراغ الإداري فقط”.
جوهر العذار الرئيس المؤقت السابق للنادي الصفاقسي (الجزيرة)
وأضاف العذار الذي ترأس الهيئة المؤقتة بين 2023 و2024 بعد استقالة المنصف خماخم: “تكمن أزمة الرياضة التونسية في القوانين؛ يجب تغيير القانون ليواكب التطورات التي تشهدها الأندية. ينبغي فتح المجال للمستثمرين المحليين والأجانب كما هو معمول به في دول أخرى؛ لأن إدارة الأندية المحترفة وفق نظام مالي وإداري ورياضي خاص بالهواة لن تؤدي إلا إلى حالة من العجز وتهديد بالإفلاس والانقراض”.
ويرى المتحدث أن “السلطات مطالبة بتغيير تعاملها مع النوادي ودعمها؛ إذ إن كثيرًا منها يعاني تحت وطأة الديون ولم يعد قادرًا حتى على توفير نفقات الفريق الأول لكرة القدم. فما بالك إذا كانت الأندية تضم ثلاث ألعاب رياضية ومئات اللاعبين في أصناف متعددة؟”.
ويضيف: “تبدو الأوضاع داخل الأندية متشابهة إلى حد بعيد؛ النجم الساحلي أيضًا يمر بفترة تسيير مؤقت، والأفريقي يشهد استقالات جماعية. أما بقية الأندية فلا تبدو أفضل حالاً حيث تعاني أغلبها من ديون ثقيلة وعقوبات تمنعها من التعاقدات”.
وعجز النادي الصفاقسي الذي يضم حوالي 1200 لاعب مسجل لكرة القدم خلال الموسم الجاري عن تحقيق نتائج إيجابية إذ أنهى سباق الدوري في المركز السابع وخرج مبكرًا من سباق الكأس بينما لا تزال الأوضاع الإدارية غامضة ومفتوحة على كافة الاحتمالات.
استقالات وأزمات مالية خانقة
دفعت الأزمات المالية المتزايدة نتيجة تراجع الإيرادات وعزوف السلطات عن إنقاذ الأندية العديد من المسؤولين إلى رفض تقديم ترشحاتهم لتولي المناصب الإدارية سواء برئاسة تلك النوادي أو بمناصب أخرى داخلها.
أعلن زبير بية رئيس النجم الساحلي الأسبوع الماضي رسميًا انتهاء مهام مجلس الإدارة المؤقت الذي تولى قيادته بين أغسطس/آب 2024 ومايو/أيار 2025 بعد سلسلة الاستقالات التي شهدتها الهيئة والتي توجت بخروج رضا شرف الدين الرئيس المنتخب ثم عثمان جنيح وفهمي النيفر اللذين توليا إدارة النجم بشكل مؤقت.
بعد نهاية موسم 2024-2025 أعلن زبير بية وأعضاء المجلس المؤقت تخليهم الجماعي عن المناصب مبررين قرارهم بالأوضاع المالية المتدهورة داخل النادي.
زبير بية رئيس الهيئة التسييرية للنجم الساحلي التونسي (مواقع التواصل)
وقال بية في مقطع فيديو نشره النادي عبر منصات التواصل الاجتماعي: “انتهت مهمتي في النجم الساحلي. لن نستمر بالتسيير المؤقت. أدعو رجال الأعمال والمسؤولين لتحمل المسؤولية وانتشال الفريق من حالة شبه الفراغ الإداري”.
أما بالنسبة للأفريقي وهو ثاني أكثر الأندية شعبية فقد كانت الأزمة أشد وطأة بفشله في تحقيق نتائج إيجابية مما أدى إلى إعلان الهيئة التسييرية استقالتها الجماعية عقب الخروج من جميع المسابقات خلال موسم 2024-2025.
أعلن هيكل دخيل الرئيس المؤقت للأفريقي والذي تولى المهمة منذ يونيو/حزيران الماضي بعد استقالة يوسف العلمي تخليه وسائر المسؤولين عن المناصب بعد النتائج المخيبة للآمال بنهاية الموسم الجاري.
وقال دخيل: “نعلن استقالتنا الجماعية مع الدعوة لانتخاب مجلس إدارة جديد يوم 12 يونيو/حزيران المقبل ونستعد لتقديم كافة الوثائق والتقارير المالية للفترة التي تحملنا فيها المسؤولية”.
يُعتبر النادي الأفريقي أحد أكثر الأندية افتقاراً للاستقرار الإداري حيث شهد تداول عدة مسؤولين عليه منذ استقالة رجل الأعمال سليم الرياحي من منصب الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
يغيم شبح الإفلاس على غالبية أندية الدوري التونسي الممتاز نتيجة عجزها عن سداد ديونها المتزايدة بشكل غير مسبوق خلال الأعوام الأخيرة مما أصبح أكبر خطر يهدد استمرار نشاطها بالإضافة إلى العقوبات الدولية المترتبة عليها والتي قد تشمل منع الانتقالات أو خصم نقاط من رصيدها.”
وكشفت الموازنات المالية لأندية الدوري الممتاز عن أرقام مقلقة بشأن العجز المالي وتزايد الديون التي تجاوزت الـ30 مليون دينار (حوالي 10 ملايين دولار) لبعض منها مما يجعل مشاركتها في المسابقات الأفريقية مرهونة بسداد تلك الديون.