في عالم كرة القدم، هناك لحظات تبقى محفورة في الذاكرة، ليس فقط لأنها تغير مجرى مباراة، بل لأنها تؤثر على حياة لاعب بشكل كامل.
مقال مقترح: الزمالك يحرص على بقاء نجمه ويصدّم الأهلي برفضه رحيل حسام عبدالمجيد مثل زيزو
هذا ما حدث مع بيني مكارثي، الذي انتقل من شاب طموح في شوارع كيب تاون عاصمة جنوب أفريقيا إلى أحد أبرز المهاجمين في تاريخ بلاده بعد لحظة تألق أظهرت موهبته أمام أعين القارة والعالم.
وُلد مكارثي عام 1977 في كيب تاون ونشأ في حي هانوفر بارك بمنطقة كيب فلاتس، التي تُعرف بمعدل البطالة المرتفع والعنف الناتج عن العصابات.
بدأت مسيرته الكروية مع نادي سفن ستارز عام 1995، حيث لعب معه حتى عام 1997، وشارك في 49 مباراة وسجل 39 هدفًا.
في عام 1997، انتقل مكارثي إلى نادي أياكس كيب تاون، حيث خاض 10 مباريات وسجل خلالها 6 أهداف.
بداية انفجارية
رغم أن ظهوره الأول مع منتخب جنوب أفريقيا كان في مباراة ودية ضد هولندا عام 1997، إلا أن انطلاقته الحقيقية جاءت خلال كأس الأمم الأفريقية 1998. فقد دوّى اسمه بقوة عندما سجل 4 أهداف خلال 21 دقيقة فقط أمام ناميبيا، مما حوله من موهبة واعدة إلى نجم تتجه إليه الأنظار.
ورغم أن منتخب ناميبيا لم يكن خصمًا قويًا، فإن أداء مكارثي كان رسالة واضحة بأنه وُلد ليكون مؤثرًا. وقد أثبت نفسه لاحقًا في البطولة بعد أن حصل على جائزة هداف المسابقة وأفضل لاعب فيها، مما مهد الطريق لمسيرة دولية ستظل خالدة في التاريخ.
ما يميز مكارثي هو أنه لم يكتفِ بالتألق أمام الفرق الضعيفة؛ بل قدم عروضًا مذهلة ضد عمالقة اللعبة مثل المكسيك وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا. لم يكن يخشى الأسماء الكبيرة أو القمصان الشهيرة وكان قادرًا على زعزعة أقوى الدفاعات وتسجيل الأهداف في لحظات غير متوقعة.
شوف كمان: مباريات السبت 17 مايو 2025: الأهلي يواجه البنك الأهلي ولقاء مثير في ويمبلي
وفي كأس العالم 1998، كتب اسمه بحروف من ذهب عندما سجل أول هدف لجنوب أفريقيا في تاريخ المونديال متغلبًا على حارس الدنمارك العملاق بيتر شمايكل، مانحًا بلاده لحظة لا تُنسى في تاريخها الكروي.
على مدار 80 مباراة دولية، أحرز مكارثي 32 هدفًا ليصبح الهداف التاريخي الأول لمنتخب “بافانا بافانا”، وقد حافظ على مكانته رغم تعاقب الأجيال. إن مكانته كأفضل هداف في تاريخ جنوب أفريقيا لا تزال عصية على الكسر.
رغم المجد القاري والدولي الذي حققه، لم يتوقف تألق مكارثي عند حدود أفريقيا؛ بل اقتحم الملاعب الأوروبية بقوة وحقق إنجازات لم يصل إليها الكثير من اللاعبين الأفارقة.
تتويج تاريخي
تنقل بين فرق أوروبية مرموقة وتوج بلقب الدوري والكأس في هولندا مع أياكس أمستردام. وفي البرتغال حقق إنجازاً عظيماً عندما ساهم بتتويج بورتو بدوري أبطال أوروبا عام 2004 تحت قيادة المدرب الشهير جوزيه مورينيو بالإضافة إلى الفوز بالدوري المحلي.
لعب مكارثي دوراً محورياً في هذا التتويج التاريخي رغم أن الأضواء كانت مسلطة أكثر على ديكو وزملائه. سجل مكارثي أربعة أهداف خلال مشوار البطولة وكان هداف الفريق، لكنه نادرًا ما يُذكر اسمه عند الحديث عن تلك الحملة الأسطورية وهو ما يعد ظلماً تاريخياً للاعب كان أحد مفاتيح النجاح.
لم تكن نهاية مسيرته بنفس اللمعان؛ إذ واجه صعوبات مع وست هام الإنجليزي وتعرض للتجاهل خلال مونديال 2010 الذي أقيم على أرض بلاده. لكن تبقى هذه التعرجات طبيعية ضمن مسيرة لاعب استثنائي؛ فالألقاب التي حققها واللحظات التي صنعها لا يمكن أن تُمحى من ذاكرة كرة القدم.