أدلى الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، بتصريحات تعكس التحركات الجارية استعدادًا للمرحلة المقبلة. وقد اعتبر أن الأحداث الأخيرة في ريف دمشق والسويداء قد أدت إلى “التعلق بحق حماية النفس، وحمل السلاح حتى تستقر الدولة”.
الشيخ الهجري هو شخصية دينية بارزة في الطائفة الدرزية ويُعرف بمناهضته للحكومة السورية. وفي الوقت الذي يسعى فيه بعض الشيوخ الآخرين مثل شيخ عقل الطائفة يوسف جربوع والشيخ حمود الحناوي وقادة عسكريين محليين مثل ليث البلعوس ويحيى الحجار لحل المشكلات العالقة مع الحكومة، يبرز الهجري برؤيته المستقلة.
وفي تصريحاته التي نشرت مساء 31 مايو الماضي، أشار الشيخ الهجري إلى أن “اندلاع نيران الحقد المستتر بستائر الدين زاد من تعلقنا بحق حماية أنفسنا”. وأضاف أن “حمل السلاح وصونه وتنظيمه واجب علينا حتى تستقر الدولة”.
كما تطرق الهجري إلى ذكرى الشهداء الذين سقطوا جراء ما أسماها “المجازر الإرهابية” التي ارتكبتها “العصابات التكفيرية اللاإنسانية” في مناطق ريف دمشق والسويداء، إضافة إلى المناطق السورية الأخرى. ودعا بالشفاء للجرحى متحدثًا عن أحداث صحنايا وجرمانا والسويداء التي وقعت في أبريل الماضي وأحداث الساحل في مارس.
في خضم الأوضاع الصعبة والحرب “الدامية” التي لم يكن من المتوقع حدوثها، أكد الهجري أن الطائفة الدروز لا تزال ثابتة على مبادئها. وقال: “بقينا ولا زلنا على مبادئنا لنؤمن لبلادنا سلامًا ومواطنة مشتركة تحت مظلة دستور مدني حديث يقوم على دولة ديمقراطية حضارية لامركزية يتوافق عليها جميع السوريين بكل مكوناتهم وطوائفهم دون تسلط أو استفراد بالسلطة”.
وأشار إلى أنه خلال فترة الانتقال المؤلمة هذه، لم يكن يتوقع تكرار “المجازر والويلات”، بل كان يأمل أن تنقشع ظلال الفتن الطائفية التي تهدد الوحدة الإنسانية. وأبدى قلقه من تجدد الإرهاب بصورة أكثر عنفًا وحالات “التغييب القسري لأبنائنا”.
كما أعرب عن عدم رغبته في عودة الحرب الطائفية أو الخطابات المتشددة الغريبة عن معتقداتهم وتربيتهم التي كانت دائمًا تحرص على حقن دماء السوريين واحترامهم. واستنكر بشدة “انفجار التحريض الطائفي المقيت”.
وتمنى الهجري من وسائل الإعلام العربية المعروفة أن تتحلى بالمصداقية والحيادية لتكون عند حسن ظن الناس بها. فقد اعتبر أنها ساهمت بشكل كبير عبر برامجها بنقل الفتن بلا مصداقية وأنها تحتاج لتعود إلى المبادئ الصحيحة لأن التجييش والتحريف الإعلامي يمثلان تهديدًا حقيقيًا للسلام.
اختتم الهجري بيانه بالتأكيد على أن عيد الأضحى يأتي بينما لا تزال دماء الأبرياء تسيل على الأراضي السورية هنا وهناك. ففرحة التحرير طغت عليها المجازر والترهيب والتحريض الطائفي، ولا يزال صدى صرخات الشعب مدويًا لتحقيق حريته وجني ثمار ثورته وشفاء جراحه وتكريم شهدائه الذين يستحقون منا كل تقدير وعرفان.
الحكومة: هناك فرصة في الأفق
وفيما يتعلق بالأوضاع في السويداء، قال وزير الإعلام حمزة المصطفى خلال مؤتمر صحفي عُقد يوم 30 مايو إن “الحكومة سعت خلال الأشهر الماضية للتوصل إلى صيغ تفاهمية مع القوى الموجودة في السويداء، وقد وصلت جهود الحكومة إلى حد قبول معظم مطالب هذه القوى”.
ومع ذلك، أشار المصطفى إلى أن بعض القوى تراجعت عن مطالبها أو لم تتمكن من تنفيذها، مضيفًا أنه تم تسجيل تصرفات لا تتماشى مع الوطنية من قبل أهالي محافظة السويداء، متحدثًا عن حادثة المحافظ كأحد أبرز الأمثلة.
وأضاف وزير الإعلام: “التقى السيد الرئيس بوفد من محافظة السويداء حيث كانت هناك مطالب عديدة لحل المسألة الراهنة بسبب حالة الاستعصاء ونقص الخدمات المقدمة بالإضافة إلى بعض الظواهر السلبية الناتجة عن انتشار السلاح”.
وأكد الوزير بحسب ما ذكره للمجتمعين ضرورة أن “يتخلص عقلاء السويداء والقوى الوطنية من بعض الأصوات التي تتبنى خطاب استجدائي يعتمد على التدخل الخارجي. خاصة بعد رفع العقوبات. هناك فرص تلوح في الأفق والجميع مدعوون للاحتشاد حول الوطن السوري فلا خيار أمامنا سوى النجاح وهذه مهمة الجميع”.
توتر في السويداء وحرس الوطني
تصريحات الشيخ الهجري تأتي في وقت تشهد فيه محافظة السويداء توترات وأحداث متلاحقة كان آخرها ما حدث مع مصطفى بكور يوم 21 مايو الماضي والذي تبعه طلب البكور.
قبل الاعتداء على المحافظ بيوم واحد، أعلن الأمين العام لحزب موالي للدولة مقيم في فرنسا مالك أبو الخير عن إنشاء فصيل يُدعى “الحرس الوطني” يكون مسؤولاً عن قيادة المشهد الأمني والعسكري في السويداء وتوجيه دعوات انتساب للفصائل الموجودة هناك.
وقد أضاف أبو الخير أن تشكيل “الحرس الوطني” هو خيار جماعي للطائفة الدرزية كرد فعل طبيعي على الأحداث الأخيرة في جرمانا وصحنايا والسويداء وما ترتب عليها من انتهاكات دون محاسبة فعلية، معتبرًا أن هناك فقدان ثقة بالحكومة السورية والفصائل غير المنضبطة.
مرتبط
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحتوي على معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية