
في بلد ليست فيه كرة القدم اللعبة الأولى، حقق حارس المرمى الأميركي تيم هوارد إنجازًا تاريخياً، ليصبح مثالا فريداً في عالم الساحرة المستديرة داخل البلاد.
لحظة واحدة في صيف 2014 منحت هوارد فرصة لتدوين اسمه في سجلات كأس العالم، حيث تصدى ببراعة لـ15 تسديدة من المنتخب البلجيكي، محققاً رقمًا قياسيًا وأثارت إعجاب العالم بأسره.
شوف كمان: رسميًا | المركز السعودي للتحكيم يُعلن فوز النصر بنقاط مباراة العروبة.. ولا يجوز الاستئناف
وُلد تيموثي ماثيو هوارد في 6 مارس/آذار 1979 في نورث برونزويك بولاية نيو جيرسي. نشأ في شقة صغيرة كطفل نشيط، يواجه تحديات بسبب متلازمة توريت، الأمر الذي جعل البقاء ساكناً تحدياً يومياً، وجعل الأصوات والضجيج مصدرًا للقلق المستمر.
في عمر الست سنوات، بينما كان أقرانه يلعبون بحرية، تابع هوارد محاولاته للسيطرة على حركاته اللاإرادية وتشنجاته العصبية، بمساعدة والدته التي كانت تعمل بلا كلل لتوفير حياة كريمة له ولأخيه.
رغم تلك العقبات الصحية والاجتماعية، وُلِد شغفٌ كبير بكرة القدم، وتحديدًا بحراسة المرمى، على الرغم من أن هذا الدور لم يكن خياره الأول؛ إذ كان يُفضل الركض نحو المرمى. لكن سرعان ما أدرك أن مصيره يكمن في الوقوف تحت العارضة.
بينما يعتبر البعض أن حراسة المرمى تعني الوقوف في الظل، رأى هوارد فيها تحديًا يتيح له استعادة السيطرة على ما لم يستطع جسده التحكم فيه خارج الملعب. ورغم الصعوبات التي واجهها، نجح هوارد في الانضمام إلى برنامج التطوير الأولمبي، متجاوزًا التوقعات في كل مرحلة.
في عام 2003، بدأ مسيرته الأوروبية بتوقيعه مع مانشستر يونايتد، ليصبح من أوائل حراس المرمى الأميركيين الذين يرتدون قميص نادٍ إنجليزي كبير.
بالرغم من تشكيك البعض في قدراته، بعدما وصفته إحدى الصحف بـ”الحارس المُعاق”، أصر هوارد على إثبات نفسه، متمسكًا بروح المثابرة التي تربى عليها منذ الصغر.
لكن قمة تألقه حدثت في مونديال 2014 بالبرازيل، حيث أصبح حاجزًا أمام المنتخب البلجيكي، متصدياً لـ15 تسديدة بأداء أسطوري حطم الأرقام القياسية، وجعل منه رمزًا للصلابة الذهنية والبدنية.
من نفس التصنيف: هدف مصطفى محمد الرائع في شباك ستاد رين
كان ذلك اليوم بمثابة رسالة للعالم أن الإعاقة لا تُقاس بالتشنجات الجسدية، بل بالعجز عن الحلم.
اعتزل هوارد كرة القدم في عام 2019 وهو في ذروة مسيرته، بعد رحلة بدأت من أحياء نيو جيرسي ووصلت إلى ملاعب كأس العالم. ولكن إرثه الحقيقي لا يتمثل فقط في عدد المباريات أو الألقاب، بل في كونه مصدر إلهام لكل طفل يُعاني من اضطراب أو يُقال له “لن تستطيع”.
لقد أثبت تيم هوارد أن التحديات قد تُقيد الجسد، لكنها لا تعيق تحقيق الطموحات.