بعد مرور أربعة أشهر على الاتفاق بشأن دمج جميع الفصائل العسكرية في سوريا تحت لواء وزارة الدفاع، أعلنت الوزارة في 17 مايو عن اكتمال عملية الدمج لجميع الوحدات العسكرية.
وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، منح مهلة لا تتجاوز عشرة أيام للالتحاق ما تبقى من المجموعات العسكرية الصغيرة بالوزارة، مشددًا على أن أي تأخير في هذا الصدد سيؤدي إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين السارية.
شوف كمان: من هو فتح شريف ابو الامين ويكيبيديا؟ قائد الحركة في لبنان 2024 واخر بيان صدر من الحركة
إن دمج الفصائل ذات التوجهات المختلفة ضمن جيش موحد في سوريا يمثل ملفًا شائقًا يحظى باهتمام واسع، حيث يحمل في طياته آمالًا لتحقيق الاستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية.
دمج الفصائل يثير التساؤلات
أثارت خطوة دمج الفصائل العسكرية تحت مظلة وزارة الدفاع العديد من النقاشات والتساؤلات حول كفاءات الجيش الجديد، ودور الضباط المنشقين عن نظام الأسد، بالإضافة إلى قوة هذا الجيش المبني على توحيد فصائل متنوعة الأيديولوجيات.
يرى المحلل العسكري أحمد حمادي أن تشكيل الجيش الجديد سيكون نتيجة لتراكم خبرات الفصائل التي انضمت بشكل رسمي إلى وزارة الدفاع، حيث تسعى هذه القوى لتكون نواة جيش وطني فعّال.
وحول موضوع الضباط المنشقين، أكد حمادي أن البعض منهم كان ضمن الفصائل، وقد استمروا في الخدمة في وحدات تحمل أسماء مثل “فرقة” أو “لواء” أو “كتيبة”. كما سيتم تعزيز قيادة الجيش بعدد من الضباط المنشقين، وخاصة من القوى الجوية.
يتوقع حمادي أيضًا أن لا يكون للسياسات والأيديولوجيات تأثير كبير في الجيش السوري الجديد، لما تم توقيعه من اتفاق مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ولحل مشكلة الجنوب السوري في إطار وطني.
مراحل تشكيل الجيش
حافظت معظم التشكيلات العسكرية على بعض السمات القبلية أو المناطقية، ولكنها ليست الغالبة على المستويات الأعلى، حيث قد يتحصل طالبان أو كتيبة من منطقة معينة، ولكن هذه السمات لا تنعكس على مستوى اللواءات أو الفرق، بحسب حوراني.
وقد دعت وزارة الدفاع للتطوع في إعلان شامل لمختلف المكونات، وليس لطرف دون آخر، حيث تم تعيين تسعة ضباط من محافظة السويداء في هيئة التدريب، وهي إحدى الهيئات القيادية في الجيش.
وحول كيفية الاستفادة من الكفاءات العسكرية المنضمة حديثًا، أوضح حوراني أنه يجب التعامل معهم وفق القوانين المعمول بها عالميًا، كما يتم تشكيل الجيش السوري الجديد وفق أساليب تدريب دقيقة، حيث أن كثيرًا من المنشقين تجاوزوا سن الخدمة. واعتبر أن أساليب القتال المستخدمة لإسقاط النظام تختلف عن العلم العسكري الأكاديمي الذي يمتلكه المنشقون.
أما بالنسبة للخلفيات الجهادية للفصائل، فقد تمت مراجعات عميقة لها، واضحة المعالم بعد دخولهم إلى دمشق وممارستهم السلطة، وفقًا لحوراني.
وأشار إلى أنه لا يمكن الإفصاح عن تفاصيل تجهيز الجيش، ولكن بشكل عام، يتم بناء الجيش السوري من الناحية المعنوية والجسدية بما يطمح إليه كل سوري لرؤيته في جيش بلاده، خاصة بعد ما قامت به حكومة الأسد من تشويه للمؤسسة العسكرية عبر الفساد والطائفية.
فيما يتعلق بـ “الجيش الوطني”، أوضح حوراني أن الفصائل شاركت في معركة التحرير واستجابت بفاعلية لعملية الدمج التي تم الإعلان عنها من قبل وزير الدفاع.
سوريا ليست الأولى
مع انهيار نظام بشار الأسد، تم حل الجيش بصورة تلقائية، حيث فرّت بعض القيادات المتورطة في دماء الشعب السوري إلى خارج البلاد، مما أحدث فراغًا في مؤسسة الجيش. ولم يلبث أن تم حل الفصائل العسكرية التي حاربت ضد النظام لدمجها في هيكلية واحدة تحت وزارة الدفاع.
من نفس التصنيف: موسكو تدحض تبريرات إسرائيل: الحرب على إيران بلا دليل نووي
تجربة سوريا في إعادة تشكيل جيش جديد ليست فريدة، إذ هناك دراسات سابقة تناولت إعادة هيكلة الجيش في دول أخرى بعد سيطرة السلطة العسكرية على الحكم.
كمثال، يمكن الإشارة إلى تجربة إسبانيا التي عانت من سيطرة جيش الجنرال فرانكو، الذي استمد نفوذه من القوة العسكرية على الشؤون السياسية، حيث كان الجيش الإسباني في عهده يتضمن قطاعات منفصلة بلا قيادة موحدة.
بعد تنصيب خوان كارلوس ملكًا لإسبانيا، عمل على إصلاح الجيش كخطوة عاجلة نحو الإصلاح الديمقراطي، حيث بدأت عملية الإصلاح بعدة خطوات منها:
- تأسيس وزارة دفاع لأول مرة لجمع قطاعات الجيش وإدارتها تحت قيادة مدنية منتخبة.
- إقصاء الجيش تدريجيًا من العمل السياسي عبر تقليص دوره الدستوري والقانوني، وتقييد سلطته على المدنيين.
- رفع كفاءة القوات المسلحة وتحويلها إلى جيش محترف، ومنع العسكريين من الانخراط في الوظائف المدنية.
- تقليل عدد القوات وتحديد الترقيات بناءً على الكفاءة وليس الأقدمية.
- توجيه اهتمام القوات المسلحة نحو الوضع الإقليمي والدخول في تحالفات عسكرية بدلاً من الانشغال بالشأن الداخلي.
مرتبط
إذا كنت تعتقد أن المقال يحتوي على معلومات غير صحيحة أو لديك تفاصيل إضافية، فلا تتردد في الإبلاغ.
إذا كنت تعتقد أن المقال ينتهك أي من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية، فنحن نرحب بملاحظاتك.