
في الشهر الماضي، أحدث علماء الفلك ضجة كبيرة عندما نشروا في مجلة “ذي أستروفيزيكل جورنال ليترز” نتائج مراقباتهم لكوكب “كاي 2-18 ب”، وهو كوكب خارجي يقع على بعد 124 سنة ضوئية من الأرض، في كوكبة الأسد.
باستخدام تلسكوب جيمس ويب، أكد العلماء أنهم رصدوا مؤشرات في الغلاف الجوي للكوكب تدل على وجود مركبات كيميائية تعتبر، منذ فترة طويلة، علامات حيوية تشير إلى احتمالية وجود حياة خارج كوكب الأرض. المركبان المعنيان هما كبريتيد ثنائي الميثيل (DMS) وثنائي كبريتيد ثنائي الميثيل (DMDS)، واللذان يُنتَجان على الأرض حصريًا بواسطة كائنات حية، وخاصةً العوالق النباتية.
ممكن يعجبك: “البانية وصل لكام” سعر الفراخ البيضاء اليوم الخميس 8 فبراير 2024 وماهي مؤشرات الأسعار الفترة الحالية
صرح نيكو مادوسودان، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة كامبريدج، والمعدّ الرئيسي للدراسة، “أعتقد أن هذا الاكتشاف هو الأقرب إلى سمة يمكن أن نعزوها للحياة”، مشددًا على أهمية إجراء المزيد من المراقبات.
في عام 2023، اكتشف تلسكوب جيمس ويب وجود غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لكوكب “كاي 2-18 ب”، وهو أول اكتشاف من نوعه لكوكب خارجي يقع في “المنطقة الصالحة للسكن”، وهي المنطقة التي تتيح وجود عنصر أساسي للحياة: المياه السائلة، حيث لا يكون الكوكب قريباً جداً ولا بعيداً جداً عن نجمه.
ورغم أن هذه العلامات كانت أكثر وضوحًا هذه المرة، إلا أنها ما زالت أقل بكثير من العتبة الإحصائية التي يعتبرها العلماء ضرورية للتحقق من صحة الاكتشاف.
منذ نشر الدراسة، أعرب عدد من العلماء الفلكيين عن مشاعر الشك. وقد دعمت هذه الاستنتاجات أعمالًا بحثية حديثة لم تخضع بعد لمراجعة الأقران.
بين الباحثين الذين أعدوا تحليلًا جديدًا للبيانات نجد لويس ويلبانكس من جامعة ولاية أريزونا وماثيو نيكسون من جامعة ميريلاند، وهما طالبان سابقان لمادوسودان.
باستخدام نماذج إحصائية مختلفة، قالوا إن “التأكيدات حول إمكانية الكشف عن بصمة بيولوجية تتلاشى”، كما أشاروا في دراسة أولية نُشرت الشهر الماضي.
وقد وسعوا قائمة المواد الكيميائية التي يمكن أن تفسر العلامات التي رصدها جيمس ويب إلى 90 مادة، مقارنة بـ 20 مادة في الدراسة الأصلية.
وبينما تم تقديم أكثر من 50 مادة كـ “نتيجة”، قال نيكسون لوكالة فرانس برس، “عندما تكتشف كل شيء، هل تكون فعلاً قد اكتشفت أي شيء؟”.
أكد الباحثان أيضًا على ضرورة إجراء المزيد من المراقبات، دون استبعاد احتمال احتواء غلاف كوكب “كاي 2-18 ب” على كبريتيد ثنائي الميثيل.
“نقاش سليم”
علّق مادوسودان قائلاً لوكالة فرانس برس، “هذا النوع من النقاش هو أمر سليم”.
في الأسبوع الماضي، نشر فريقه دراستهم الأولية، والتي وسعت عدد المواد الكيميائية الممكنة إلى 650 مادة.
وفي قائمة النتائج الواعدة، ظهر كبريتيد ثنائي الميثيل، بينما لم يظهر ثنائي كبريتيد ثنائي الميثيل، وهو عنصر رئيسي من الإعلان الأولي.
قال ويلبانكس “في غضون شهر واحد، ومن دون أي بيانات رصدية أو بيانات مختبرية، أو نماذج جديدة، قد تغيّر هذا التحليل بالكامل”.
تسمح التلسكوبات بمراقبة الكواكب الخارجية عندما تمر أمام نجومها، مما يتيح للعلماء تحليل كيفية تصفية الجزيئات للأطوال الموجية للضوء المار عبر الغلاف الجوي واستنتاج تركيبتها.
جمع فريق من علماء الفيزياء الفلكية من جامعة شيكاغو بيانات ترصد النجوم لكوكب “كاي 2-18 ب” باستخدام الأشعة تحت الحمراء القريبة والمتوسطة.
لم يُعثر على “أي دلالة إحصائية لكبريتيد ثنائي الميثيل أو ثنائي كبريتيد ثنائي الميثيل”، وفقًا لدراسة نُشرت الأسبوع الماضي.
باستخدام اختبار إحصائي أساسي، لم يجد عالم الفيزياء الفلكية في جامعة أكسفورد، جايك تايلور، أي دليل على وجود بصمات حيوية.
ورفض مادوسودان هذه الدراسة الأخيرة، موضحًا أن الاختبار لم يأخذ بعين الاعتبار الظواهر الفيزيائية التي تم رصدها. كما دافع عن بحثه، مشيرًا إلى أنه يشعر “بالثقة التامة” في نتائجه أكثر مما كان عليه قبل شهر، خصوصًا مع انتظار بيانات جديدة عن “كاي 2-18 ب” العام المقبل.
يعتقد العديد من العلماء أن التلسكوبات الفضائية قد تتمكن في المستقبل من جمع أدلة كافية لكشف وجود حياة خارج كوكب الأرض.
قال نيكسون، “لكن يجب علينا استخدام الأطر القائمة وتجميع الأدلة بشكل موثوق، بدلاً من التسرع في الأمور، كما حدث في هذه الحالة خصوصًا”.