الإصلاحات الهيكلية تساهم في استقرار الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال

الإصلاحات الهيكلية تساهم في استقرار الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الجلسة الختامية للمؤتمر البحثي الأول الذي عُقد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة، بالتعاون مع كلية أنسي ساويرس لإدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية، تحت عنوان «توجيه سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية في ظل مشهد اقتصادي عالمي متغير»، بحضور نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، وجهاز أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق، بالإضافة إلى نخبة من المتخصصين والأكاديميين الدوليين ومحافظي البنوك المركزية.

تطورات الاقتصاد المصري والنموذج الاقتصادي الجديد

استعرضت الدكتورة رانيا المشاط تطورات الاقتصاد المصري والنموذج الاقتصادي الجديد الذي تسعى الحكومة إلى اعتماده وسط التغيرات الاقتصادية الإقليمية والعالمية. وتحدثت عن التقارير الدورية التي يصدرها صندوق النقد الدولي والتي تؤكد على ضرورة تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في مصر، والتنسيق الفعّال بين السياسات المالية والنقدية، وتأثير تلك السياسات على المجتمع والمستثمرين وخلق بيئة اقتصادية جاذبة للاستثمارات الخاصة. وأوضحت أن هذا النهج الذي اتبعته مصر على مدار السنوات الماضية قد حقق تحولات حقيقية في الاقتصاد المصري.

تغيير نوعي في النموذج الاقتصادي

أكدت الدكتورة رانيا أن الحكومة منذ مارس 2024 تسعى لتحقيق تغيير نوعي في النموذج الاقتصادي لتفادي التعرض للصدمات الداخلية والخارجية التي كانت تؤثر سلبًا على برامج الإصلاح الاقتصادي السابقة. وأشارت إلى أن الدولة تتبنى سياسات مالية ونقدية أكثر تناغمًا وتنسيقًا مستمرًا بين وزراء المجموعة الاقتصادية، مع إدراك المواطنين لأهمية الإصلاح مما يعزز قدرة الاقتصاد على التكيف مع المتغيرات ويسهم في زيادة التنافسية وجذب المزيد من الاستثمارات.

كما تناولت استمرار الحكومة في تقليص حجم الاستثمارات العامة لإفساح المجال أمام القطاع الخاص. وأضافت أنه عند تحليل هيكل النمو الاقتصادي اليوم نلاحظ أن قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية يُعد من أبرز القطاعات المساهمة في هذا النمو. كما بدأت الصادرات المصرية تشهد انتعاشًا ملحوظًا مما يعكس الأثر الإيجابي لتطبيق نظام سعر صرف مرن. وتابعت: «من أجل الخروج من الحلقة المفرغة التي عانى منها الاقتصاد المصري سابقًا تعمل الدولة على اتباع سياسات مالية ونقدية متسقة وخلق نموذج اقتصادي جديد يُعزز استقرار الاقتصاد الكلي ويتبع إصلاحات هيكلية شاملة ومستمرة تؤدي بدورها إلى تحقيق التنمية الشاملة والنمو المستدام مما ينعكس إيجاباً على زيادة الموارد وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية ودعم المرونة والتنافسية».

وفي هذا السياق أعلنت الدكتورة رانيا المشاط أن الشهر المقبل سيشهد الإعلان عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التي تؤسس لهذا النموذج الاقتصادي الجديد والذي يدعم تحول الاقتصاد المصري من القطاعات غير القابلة للتداول إلى القطاعات القابلة للتداول والتصدير ويعزز النمو والتشغيل اعتماداً على سياسات كلية شاملة وفعالة وإجراءات محفزة للاستثمار الأجنبي المباشر واستراتيجيات واضحة لتوطين الصناعة وتشجيع المنتج المحلي ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر بناءً على المميزات النسبية للاقتصاد المصري والتطور الكبير الذي شهدته البنية التحتية واللوجستيات خلال السنوات العشر الماضية.

وأشارت إلى أن هذه السردية تساهم في المواءمة بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة المصرية بما يتناسب مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية. لافتةً إلى ضرورة توسيع مشروعات البنية التحتية خلال الفترة الماضية لبناء شبكة شاملة تشمل الموانئ وشبكات الكهرباء والطرق مما سهل جذب استثمارات القطاع الخاص. ومع ذلك يجب الاستفادة من تلك القطاعات لجذب الاستثمارات التي تخلق فرص العمل وتعزز الإنتاجية على المدى الطويل.

ونوهت بأنه رغم التحديات الصعبة التي يواجهها الاقتصاد العالمي مثل تباطؤ النمو وتصاعد التوترات الجيوسياسية إلا أن مصر ترى فيه فرصة واعدة لتعزيز مكانتها ضمن سلاسل القيمة العالمية؛ فرغم تلك التحديات يمكن فتح الباب أمام فرص استثمار وصناعية ضخمة تُساهم في خلق الوظائف وتعزيز الإنتاج المحلي.

وأضافت «المشاط» أنه فيما يتعلق بدور الوزارة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع مؤسسات التمويل الدولية فقد أسهم ذلك بشكل كبير في تمكين القطاع الخاص من الحصول على تمويلات ميسرة ساعدت على تقليل تكلفة التمويل وتقليل المخاطر خلال السنوات الخمس الماضية مؤكدةً أن القطاع الخاص حصل بالفعل على تمويلات ميسرة بقيمة 15 مليار دولار منها 4.2 مليارات دولار خلال عام 2024 رغم الظروف الجيوسياسية الصعبة بالمنطقة.

إن هذه الخطوات تعكس إصرار الحكومة المصرية وعزمها الراسخ نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني بما يعود بالنفع ليس فقط على المستثمرين بل أيضًا على المواطنين الذين يسعون لتحسين مستوى حياتهم ومستقبل أبنائهم.