تصحيح المسار الاقتصادي يبدأ في مارس 2024 بخطط شاملة وإجراءات فعالة

تصحيح المسار الاقتصادي يبدأ في مارس 2024 بخطط شاملة وإجراءات فعالة

قدمت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بيان مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 25/2026، حيث استعرضت مستهدفات وملامح الخطة الرئيسية أمام الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، وبحضور أعضاء المجلس الكرام.

في بداية كلمتها، أعربت الدكتورة رانيا المشاط عن شكرها للمستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، ولأعضاء المجلس على جهودهم في تعزيز الديمقراطية والمناقشات البناءة حول مشروعات القوانين والقضايا المتعلقة بالسياسة العامة للدولة. كما قدمت شكرها للدكتور هاني سري الدين، رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالمجلس، ورؤساء اللجان النوعية ورؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب على المناقشة الغنية والمثمرة لمشروع الخطة خلال الأسبوع الماضي. وأكدت أن الملاحظات القيمة التي أبداها النواب قد تم أخذها بعين الاعتبار في إطار التعاون بين المجلس والحكومة لضمان التنفيذ الفعال لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

التوقيت الاستثنائي لخطة التنمية

وأوضحت «المشاط» أن وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل تأتي في وقت استثنائي بالنسبة للاقتصاد المصري، بالإضافة إلى التحولات الإقليمية والعالمية. فقد تمكنا من الخروج من الحلقة المفرغة التي عانى منها الاقتصاد على مدار السنوات الماضية لنبدأ منذ مارس 2024 إجراءات تصحيحية تتسم بالتوافق والتكامل مبنية على سياسات مالية ونقدية متناغمة وإجراءات صارمة لحوكمة الإنفاق الاستثماري. كما تشمل السياسات والإجراءات المحفزة للاستثمارات الأجنبية وتنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي يسهم في ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي وضمان استدامة أثر الإصلاح ونتائجه الإيجابية.

كما أشارت إلى أن ثمار هذه الإصلاحات بدأت تظهر من خلال التحسن الملحوظ في أداء الاقتصاد المصري مؤخرًا والذي انعكس على مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال الربع الأول والثاني من عام 24/2025 حيث سجل النمو 3.5% في الربع الأول و4.3% في الربع الثاني مع توقع بلوغ معدل النمو السنوي نحو 4%.

وأكدت «المشاط» أن فعالية الإصلاحات تتجلى في نمو القطاعات الرئيسية مثل الصناعات التحويلية غير البترولية وتعافي قطاع السياحة ونمو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رغم استمرار التأثير السلبي للتوترات الخارجية على أنشطة قناة السويس. وأوضحت أن وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل تتبع نهجًا توازنيًا يعزز قدرة الاقتصاد المصري على الصمود أمام الأزمات والاضطرابات والتوترات الجيوسياسية والاقتصادية ويستغل الفرص المتاحة لتسريع وتيرة النمو الشامل والتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

الاتساق بين الخطة وإطار عمل الوزارة الجديد

وأضافت إن مشروع الخطة الجديدة هو الأول الذي تعده الوزارة بعد دمج حقيبتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ لذا فإنه يأتي متسقًا مع إطار عمل الوزارة الجديد “الاستدامة والتمويل من أجل التنمية الاقتصادية”، الذي يهدف إلى الربط بين الخطط والاستراتيجيات التنموية على المستوى القومي والقطاعي وتعظيم الاستفادة من مصادر التمويل المحلية والخارجية وتحسين عملية استغلال الموارد. كما يراعي مشروع الخطة الالتزام بالسقف المحدد للاستثمارات العامة ضمن جهود ترشيد وحوكمة الإنفاق العام باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وإفساح المجال للقطاع الخاص لقيادة جهود التنمية.

واستعرضت مرتكزات الخطة التي تتضمن صياغة منهجية جديدة لإعداد الوثيقة تراعي إعداد الخطة ضمن الإطار الموازني متوسط الأجل (25/2026-28/2029) الذي يشمل سنة الميزانية وثلاث سنوات لاحقة توحيدًا للمدى الزمني للخطة. وأوضحت أنه يتم إعداد هذا الإطار بالتشاور والتنسيق مع كافة الجهات المعنية وفق نهج تشاركي ملتزم بتطبيق قانون التخطيط العام رقم 18 لسنة 2022 وقانون المالية العامة الموحد رقم (6) لسنة 2022. وأكدت أن إعداد الوثيقة يتم وفق منهجية متكاملة وضعتها الوزارة حديثًا لرفع كفاءة الاستثمار العام ومتابعة التمويلات الدولية والاستثمارات العامة وتقويم الأداء بالتنسيق مع الوزارات المعنية لتحسين جودة الخطط التنموية عبر إمداد جميع جهات الإسناد بدليل إعداد الخطة.

كما أضافت الدكتورة رانيا المشاط أن الخطة ترتكز أيضًا على مواصلة الدولة تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية بمحاوره الثلاثة والتي تشمل تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي وزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال لدعم مشاركة القطاع الخاص ودعم الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر. كما تركز أيضًا على إعداد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية للتحول نحو نموذج اقتصادي جديد يقوم على النمو المستدام المبني على القطاعات القابلة للتداول والتصدير ذات القيمة المضافة العالية بهدف تعزيز القدرات الإنتاجية للاقتصاد المصري وخلق المزيد من فرص العمل المنتجة.

مرتكزات خطة 25/2026

واستمرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي باستعراض مرتكزات خطة 25/2026 مشيرة إلى الالتزام بتطبيق مفهوم الأولويات لترشيد أوجه الإنفاق العام ورفع كفاءته وتحفيز وتطوير الصناعات وتوطين التصنيع المحلي والصناعات الواعدة القائمة على الابتكار والتقدم التقني والمعرفي بما يسهم في تعميق التصنيع المحلي وتعظيم القيمة المضافة الصناعية. وقد منح الأولوية للتنمية البشرية لتحقيق الهدف الاستراتيجي “بناء الإنسان المصري” وهو ما تجلى في نمط مخصصات الاستثمارات الكلية (الخاصة والعامة)، حيث خصص لقطاعات التنمية البشرية (تعليم وصحة وخدمات اجتماعية أخرى) نحو 700 مليار جنيه في خطة عام 25/2026 مقابل استثمارات قدرها 447 مليار جنيه في خطة عام 24/2025 بنسبة زيادة تجاوزت الـ56% بالمجموع الإجمالي. وقد خصصت خطة التنمية لعام 25/2026 استثمارات عامة قدرها حوالي 327 مليار جنيه لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي والخدمات الأخرى مما يزيد عن 28% من إجمالي الاستثمارات العامة لهذا العام.

تحسين بيئة الاستثمار وتمكين القطاع الخاص

وأشارت إلى أن مرتكزات خطة العام المالي المقبل تتضمن أيضًا مواصلة جميع التدابير اللازمة لتحسين بيئة الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص لممارسة الأعمال عبر حزم التيسيرات والحوافز المشجعة للنشاط وخفض تكلفة المعاملات. كما أكدت استمرار الوزارة في التفاوض والتنسيق مع شركاء التنمية لتوفير الموارد التمويلية اللازمة للقطاع الخاص بشروط ميسرة تعكس جاذبية القطاع الخاص المصري ونجاح الإصلاحات الهيكلية التي قامت بها الدولة لزيادة استثمارات القطاع الخاص. كذلك ترتكز الخطة على مواصلة جهود تحفيز الابتكار وريادة الأعمال ضمن أعمال المجموعة الوزارية لريادة الأعمال التي تستهدف تعزيز قدرة الشركات الناشئة وبيئة ريادة الأعمال لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتسارع قائمٍ على التنافس والمعرفة.

ختاماً، يُعتبر هذا المشروع خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية مصر المستقبلية لبناء اقتصاد قوي ومستدام يتماشى مع تطلعات المواطنين ويعزز مكانتها إقليمياً ودولياً، مما يستوجب تكاتف الجهود بين الحكومة وكافة الأطراف المعنية لتحقيق النجاح المنشود والعمل بروح الفريق الواحد لضمان مستقبل أفضل للجميع.